ولو كان عدلا ما تجنّى وقد جنى ... عليّ وغيري يجتني رشف ثغره
ولولا تثنيه ثنيت أعنّتي ... بادرا إلى من أجتلي نور بدره
وإني على تصريف أمري وأمره ... أرى المرّ حلوا في انقيادي لأمره
***
على هذا النسق، أي على هذا التتابع والانضمام، اتّسق: انضمّ واجتمع. ونسقت الشيء بالشيء ضممته إليه، أحوى: أسمر الشفة، والحوّة: حمرة تضرب إلى السواد، يقال:
شفة حوّاء حمراء. رقّي، أي ملكي، والرّق الملك، ورقّ الرجل رقّا: صار عبدا، برقّة لفظه:
بحلاوة كلامه. غادرني إلف السهاد: تركني صاحب سهر. بغدره: بقلة وفائه. تصدّى:
تعرّض. أسره: حبسه. بأسره: بجملته. والزور: الكذب. ازوراره: انقباضه، والهجر:
الفحش. أستعذب: أستطيب. أجدّ عذابي: جدّد عذابي. جدّ: زاد واجتهد. برّه: إكرامه.
يريد متى زادني عذابا وهجرانا زدت فيه حبّا وبرّا. ذمامي: عهدي. مذمّة: عيب. أحفظ:
أغضب. التباهي: التفاخر. أكبره: أعظمه وأراه كبيرا، أفوه: أنطق. نشره: تحرّك رائحته.
رشف ثغره: تقبيل أسنانه، ثنيت: عطفت. أعنّتي: جمع عنان. أجتلي: أنظر. نور بدره:
حسن وجهه يقول: لولا حسن تثنيه لتركته وملت إلى غيره. ثم قال: وإني على ما يلقاني به من الهجر والجفاء وألقاه به من البرّ والصفاء. ليرجع عندي المرّ من أفعاله حلوا في اتباعي لما يحبّ ويأمر به. وقد أنشدوا في ذلك: [الطويل]
لئن ساءني أن نلتني بمساءة ... لقد سرّني أني خطرت ببالك
وقال في مثله: [الكامل]
وأهنتني فأهنت نفسي صاغرا ... ما من يهون عليك ممن يكرم
فهذه غاية الانقياد لمراعاة مراد الحبيب.
وقال الشاعر: [الكامل]
ولقد منحتكم المودّة محضة ... وكتمت ما اشتملت عليه ضلوعي
جازيتموني بالوصال قطيعة ... شتّان بين صنيعكم وصنيعي
فإذا أتيتك زائرا متشوقا ... قصر الطريق وطال عند رجوعي
وفي معنى قوله: «له منّي المدح»، يقول ابن رشيق، وزاد معنى مستظرفا:
أراك اتّهمت أخاك الثّقه ... وعندك مقت وعندي مقه
وأثني عليك وقد سؤتني ... كما طيّب العود من أحرقه
وقال ابن زيدون: [الطويل]
بني جهور أحرقتم بجفائكم ... جناني فما بال المدائح تعبق