للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللشريف الرضيّ رحمه الله: [الكامل]

قالوا المشيب فعم صباحا بالنّهي ... واعقر مراحك للطّروق الزائر (١)

لو دام لي ودّ الكواعب لم أبل ... بطلوع شيب وابيضاض غدائر

لكنّ شيب الرأس إن يك طالعا ... عندي فوصل البيض أوّل عابر

إن أعرضت عنه الخدود فطالما ... عطفت له بسوالف ومحاجر

ولقد يكون وما له من عاذل ... واليوم عاد وما له من عاذر

كان السّواد سواد عين حبيبه ... فغدا البياض بياض عين الناظر

لو لم يكن في الشيب إلّا أنه ... عذر الملول وحجة للهاجر

وقال أيضا: [الوافر]

لجام الشيب ثنى لي جيادي ... ورباني لعذّالي وراضا (٢)

لو عنّي الخدود من الغواني ... وغمّض عنّي الحدق المراضا

وصار بياضه عندي سوادا ... وكان سواده عندي بياضا

ودخل أبو دلف على المأمون، وقد ترك الخضاب، فغمز جارية عنده أن تعبث به، فقالت: شبت يا أبا دلف، إنا لله وإنا إليه راجعون! فسكت عنها، فقال له المأمون:

أجبها، فأطرق برأسه ثم رفعه، فقال: [البسيط]

تهزّأت إذ رأت شيبي فقلت لها ... لا تهزئي من يطل عمر به يشب

شيب الرجال لهم زين ومكرمة ... وشيبكنّ لكنّ الويل فاكتئبي

فينا لكنّ- وإن شيب بدا- أرب ... وليس فيكنّ بعد الشيب من أرب

***

إلّا أنّه سلّم تسليم أولي الفهم، وجلس يفضّ لطائف النّثر والنّظم، ونحن ننزوي من انبساطه، وننبري لطيّ بساطه، إلى أن غنّى شادينا المغرب، ومغرّدنا المطرب: [الوافر]

إلام سعاد لا تصلين حبلي ... ولا تأوين لي ممّا ألاقي

صبرت عليك حتّى عيل صبري ... وكادت تبلغ الرّوح التّراقي

وها أنا قد عزمت على انتصاف ... أساقي فيه خلّي ما يساقي


(١) الأبيات في ديوان الشريف الرضي ص ٣٧٠.
(٢) الأبيات في ديوان الشريف الرضي ص ٤٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>