وقال يزيد بن محمد المهلبي يذمه: [الطويل]
لعمرك ما يحصى على الناس شرّها ... وإن كان فيها لذة ورخاء
مرارا تريك الغيّ رشدا، وتارة ... تخيل أنّ المحسنين أساءوا
وأنّ الصديق الماحض الودّ مبغض ... وأنّ مديح المادحين هجاء
وجرّبت إخوان النبيذ فقلّما ... يدوم لإخوان النبيذ إخاء
وقال ابن الرومي: [الطويل]
مودّة إخوان النبيذ سلافة ... يبولونها عند انقضاء المجالس
فبينا نراهم أهل ألف وأثرة ... وبينا نراهم بينهم حرب داحس
فأما إذا ناديتهم لملمّة ... فناد التّصاوير التي في الكنائس
ولهذا كتب الحسن إلى صديق له يستهدي منه مشروبا: [السريع]
لمّا رأيت الحظّ للقاعد ... والنّاس من واش ومن حاسد
خلوت في بيتي وحدي ولا ... أقلّ في الأعداد من واحد
فابعث بها تشغلني واكفني ... رؤية هذا العالم الفاسد
وقال أيضا: [السريع]
خلوت بالخمر أناجيها ... أشرب منها وأعاطيها
نادمتها إذ لم أجد صاحبا ... أرضاه أن يشركني فيها
شربتها صرفا على وجهها ... فكنت ساقيها وجانيها
قيل لبعضهم: لم لا تتخذ لك نديما؟ قال: لأنه مأخوذ من النّدم.
واختلفوا في اختيار استعمال النديم، فمنهم من اختار نديما واحدا، ومنهم من انتهى في الاختيار إلى ستة بالساقي وصاحب البيت، وما زاد على ذلك فمذموم بإجماع منهم. قال: وأنشدوا في ذلك: [الطويل]
وخير الندامى ستّة من دوي الحجى ... فخمسة إخوان وآخر يمنع
ويحمد في الإخوان من كان محسنا ... بصوت يغنيه ولا يتمنّع
***
قوله: نهاني الشيب، جعله الناهي عن اللذات، لأنه الداعي إلى الفناء والنذير بالموت، وما يقول بغير هذا إلا متكلّف عذر، كقول أعرابي- ويروى لإبراهيم بن المهدي:
لقد جلّ قدر الشيب أن كان كلما ... بدت شيبة يعري من اللهو مركب