للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وأنشد الشاعر: [المنسرح]

كن ابن من شئت واتّخذ أدبا ... يغنيك مأثوره عن النّسب

إنّ الفتى من يقول ها أنا ذا ... ليس الفتى من يقول كان أبي

مالي عقلي وهمتي حسبي ... ما أنا مولى ولا أنا عربي

إن انتمى منتم إلى أحد ... فإنني منتم إلى أدبي

وتكلم رجل عند عبد الملك بكلام ذهب فيه كلّ مذهب، فقال له وقد أعجبه: ابن من أنت يا غلام؟ فقال: ابن نفسي يا أمير المؤمنين، التي نلت بها هذا المقعد منك، قال: صدقت. أخذه ابن دريد فقال: [الرجز]

كن ابن من شئت وكن مؤدّبا ... فإنما المرء بفضل حسّه

وليس من تكرمه لغيره ... مثل الذي تكرمه لنفسه

وقالت عائشة رضي الله عنها: كل كرم دونه لؤم، فاللؤم أولى به، وكل لؤم دونه كرم فالكرم أولى به- يعني أن أفعال الإنسان إذا كرمت لم يضرّه لؤم آبائه، وإذا لؤمت لم ينفعه كرم آبائه. وقال المعرّي: [السريع]

لو عرف الإنسان مقداره ... لم يفخر المولى على عبده (١)

لولا سجاياه وأخلاقه ... لكان كالمعدوم في وجده

ومجده أفعاله لا الذي ... من قبله كان ولا بعده

قوله: ما تجلّى يومه، أي على ما ظهر وانكشف يومه من أفعاله المحمودة أو المذمومة. محقوقفا: منحنيا. اجرنثم: انقبض. مقفقفا: مرتعدا، ويقال: قفّ شعره إذا ارتفع من ذعر أصابه. وقفّ جلدي من هذا الحديث إذا اقشعر من استشناع ما سمع.

غمر بنواله، أي غطّى بعطاياه. وأمر بسؤاله: يريد قوله تعالى: وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ [النساء: ٣٢]. آله: أهله. أهواله: شدائده ومخاوفه. أتح: قدّر. يؤثر: يفضّل غيره على نفسه. خصاصة: جوع، وهذا منتزع من القرآن.

***

قال الرّاوي: فلمّا جلّى عن النّفس العصاميّة، والملح الأصمعيّة، جعلت ملامح عيني تعجمه، ومرامي لحظي ترجمه، حتّى استبنت أنّه أبو زيد، وأنّ تعرّيه أحبولة صيد. ولمح هو أنّ عرفاني قد أدركه، ولم يأمن أن يهتكه، فقال: أقسم بالسّمر والقمر، والزّهر والزّهر، إنّه لن يسترني إلّا من طاب خيمه، وأشرب ماء


(١) الأبيات في سقط الزند ص ١٠١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>