للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إني أعزّيك لا أنّي على ثقة ... من الحياة ولكن سنّة الدّين

فما المعزّى بباق بعد ميّته ... ولا المعزّي وإن عاشا إلى حين

وقال أيضا: [البسيط]

علمي معي حيثما يمّمت ينفعني ... قلبي وعاء له لا بطن صندوق

إن كنت في البيت كان العلم فيه معي ... أو كنت في السّوق كان العلم في السّوق

وقال أيضا: [الوافر]

ومنزلة السّفيه من الفقيه ... كمنزلة الفقيه من السّفيه

فهذا زاهد في قرب هذا ... وهذا فيه أزهد منه فيه

إذا غلب الشقاء على سفيه ... تقطّع في مخالفة الفقيه

وناظر الشافعيّ محمد بن الحسن الكوفيّ بالرّقة فقطعه الشافعيّ، فبلغ ذلك هارون الرشيد، فقال: أما علم محمد بن الحسن إذا ناظر رجلا من قريش، أنه يقطعه؛ سائلا أو مجيبا، والنبيّ صلّى الله عليه وسلم يقول: «قدّموا قريشا ولا تقدّموا عليها، وتعلّموا منها ولا تعلّموها»، فإن علم العالم منها يسع طباق الأرض. وكان الشافعيّ يعظّم محمد بن الحسن لعلمه، واستعار شيئا من كتبه فلم يسعفه بذلك، فكتب إليه الشافعيّ رضي الله تعالى عنه: [مجزوء الكامل]

قل للّذي لم تر عي ... نا من رآه مثله

ومن كأنّ من رآ ... هـ قد رأى من قبله

العلم ينهى أهله ... أن يمنعوه أهله

لعلّه يبذله ... لأهله لعلّه

فبعث إليه بما سأل.

وقال في الفقيه ابن عبد الحكم وقد اعتلّ فعاده: [مجزوء الكامل]

مرض الحبيب فعدته ... فمرضت من حذري عليه

شفي الحبيب فعادني ... فشفيت من نظري إليه

وقال أبو سعيد: سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول بيتين وهما: [الطويل]

إني أرى نفسي تتوق إلى مصر ... ومن دونها عرض المهامة والقفر

فو الله ما أدري أللخفض والغنى ... أقاد إليها، أم أقاد إلى القبر!

قال: فو الله ما كان إلا قليل حتى سيق إليهما جميعا.

ورأيته بعد وفاته، فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: أجلسني على كرسيّ من ذهب ونثر عليّ اللؤلؤ الرّطب.

<<  <  ج: ص:  >  >>