خير من الطمع الدنيء ويجلس ... بفناء لا طلق؟ ؟ ؟
فابثث حوائجك للمليك فإنه ... يغنيك قبل تخشع بسؤال
***
قال الراوي: فصبت الجماعة إلى إن تستثبته، لتستنجش خبأته، وتستنفض حقيبته، فقالت له: قد عرفنا قدر رتبتك، ورأينا درّ مزنتك؛ فعرّفنا دوحة شعبتك، واحسر اللّثام عن نسبتك. فأعرض إعراض من مني بالإعنات، أو بشّر بالبنات، وجعل يلعن الضّرورات، ويتأفّف من تغيّض المروءات. ثم أنشد بلفظ صادع، وجرس خادع: [المتقارب]
لعمرك ما كلّ فرع يدلّ ... جناه اللّذيذ على أصله
فكل ما حلا حين تؤتى به ... ولا تسأل الشّهد عن نحله
وميّز إذا ما اعتصرت الكروم ... سلافة عصرك من خلّة
لتغلي وترخص عن خبرة ... وتشتري كلّا شرا مثله
فعار على الفطن اللّوذعيّ ... دخول الغميزة في عقله
***
قوله: تستثبته: تحقق من هو. تستنجش، تستخرج، والنّجش: استخراج الشيء المجهول المستور. وقيل: تنفير الوحش، وهو من الأوّل، لأنّ تنفير المطمئن كإظهار الكامن. خبأته: سرّه الّذي أخبرهم بظاهره حيث قال: كيت وكيت.
الحقيبة: وعاء يعلّقه الرجل خلف رحله، يجعل فيه ما يعز عليه ممّا يحتاج أن يتناوله متى شاء، وأراد بها هاهنا موضع سرّه تستنفض: تنثر ما فيها رتبتك: قدرك ومنزلتك. درّ مزيتك: ماء سحابك، وأراد ما أبدى لهم من البلاغة. دوحة: شجرة.
شعبتك: فرعك وغصنك. احسر: ازل واكشف. اللّثام: ما يجعل على الأنف والفم، يريد عرّفنا أصلك، ومن أين أنت. مني: بلي. الإعنات: المشقة، وعنّته وأعنته: كلّفته ما يشقّ عليه وبشّر بالبنات: أخبر بولادتهنّ، وقد أخبر الله تعالى أن من بشّر بالأنثى ظل وجهه مسودّا وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به. وقد تقدّم وأد البنات وهو دسّهنّ في التراب.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم من طريق عقبة بن عامر: «لا تكرهوا البنات فإنهنّ المؤنسات الغاليات» (١). وقال عليه الصلاة والسلام «أحبّوا البنات، فإنّي أبو البنات»، وإنّ الرجل إذا
(١) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ١٥١.