للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحن شخصان إن نظرت وروحا ... ن إذا ما اختبرت ممتزجان

فإذا ما هممت بالأمر أو هـ ... مّ بشيء بدأته وبدأني

كان وفقا ما كان منه ومنّي ... فكأنّي حكيته وحكاني

خطرات النّفوس منّا سواء ... وسواء تحرّك الأبدان

وجاءه يوما فتحدّث معه، فأشار لتقبيله، فقال له بشير: إياك والتعرّض لي وانج بنفسك، وكانت فيه عربدة، فقال فيه حسين: [الخفيف]

أيها النّفّاث في العقد ... أنا مطويّ على الكمد

إنما زخرفت لي خدعا ... قدحت في الرّوح والجسد

ما لأنس كان مبتذلا ... منك لي بالأمس لم يعد

يوم تعطيني وتأخذها ... دون ندماني يدا بيد

ذاك يوم كان حاسدنا ... فيه معذورا على الحسد

***

ثمّ استنطقته عن اسمه، لا لرغبة في علمه؛ بل لأنظر أين فصاحته من صباحته، وكيف لهجته من بهجته؛ فلم ينطق بحلوة ولا مرّة، ولا فاه فوهة ابن أمة ولا حرّة. فضربت عنه صفحا، وقلت له: قبحا لعيّك وشقحا، فغار في الضحك وأنجد، ثمّ أنغض رأسه إليّ وأنشد:

يا من تلهّب غيظه إذ لم أبح ... باسمي له، ما هكذا من ينصف

إن كان لا يرضيك إلّا كشفه ... فأصخ له، أنا يوسف أنا يوسف

ولقد كشفت لك الغطاء فإن تكن ... فطنا عرفت وما إخالك تعرف

قال: فسرّى عتبي بشعره، واستبى لبّي بسحره؛ حتّى شدهت عن التحقيق، وأنسيت قصّة يوسف الصّدّيق؛ ولم تكن لي همّ إلّا مساومة مولاه فيه، واستطلاع طلع الثّمن لأوفّيه. وكنت أحسب أنّه سينظر شزرا إليّ، ويغلي السّيمة عليّ؛ فما حلّق إليّ حيث حلّقت، ولا اعتلق بما به اعتلقت؛ بل قال: إنّ الغلام إذا نزر ثمنه، وخفّت مؤنه، تبرّك به مولاه، والتحف عليه هواه، وإنّي لأوثر تحبيب هذا الغلام إليك، بأن أخفّف ثمنه عليك، فزن مائتي درهم إن شئت، واشكر لي ما حييت. فنقدته المبلغ في الحال، كما ينقد في الرّخيص الحلال، ولم يخطر لي ببال، أنّ كلّ مرخص غال.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>