للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قلنا: هذا تبرُّعٌ منه، وله أن يتبرَّع وأن لا يتبرَّع، كما سئل عن ماء البحر، فقال: «هو الطَّهور ماؤه، الحلُّ ميتته».

ثمَّ الفرق بين حديث العسيف ومسألتنا من وجهين:

أحدهما: أنَّه أُخبر في حديث العسيف بما يوجب الحدَّ، والحدود حقٌّ لله ﷿، يلزم الإمام استيفاؤها، والكفَّارة معاملة بين العبد وبين ربِّه، ولا نطر للإمام فيها.

والثَّاني: أنَّ الحدَّ في قصة العسيف مختلفٌ، فإنَّ المرأة كانت محصنةً وحَدُّها الرَّجم، وكان الزَّاني غير محصنٍ وحدُّه الجلد، فلمَّا اختلف البيان احتاج إل شرحه، بخلاف مسألتنا فإنَّ الحكم لا يختلف، فكان البيان للرَّجل بيانًا لها، وصار هذا كقوله تعالى: (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ [النساء: ٢٥]، وألحقنا بها العبد في تنصيف الحدِّ، وهذا هو الجواب الرابع.

والخامس: أنَّ سكوته لا يدلُّ على سقوط الوجوب، فإنَّه لم يذكر له القضاء، ولا الغسل.

والسَّادس: أنَّه يجوز أن يكون سكت عنه لعارضٍ صرفه عن ذكره أو شغلٍ شغله.

والسَّابع: يحتمل أن يكون قد علم أنَّها ممن لا تلزمه الكفَّارة، لكونها حائضًا أو مريضةً أو مجنونةً أو ذمِّيَّةً، فالخبر قضيَّةٌ في عينٍ فهي محتملة.

والثَّامن: أنَّ الرسول قبل قوله على نفسه بإقراره، ولم يقبل قوله عليها، كما في قضيَّة ماعز.

والتَّاسع: أنَّه لمَّا أمره بعتق رقبة فذكر فقره وفقر أهل بيته أسقط عنه