فالكلام هنا لشعبة وليس ليحيى بن سعيد، وهذا موافق للروايات الأخرى عن أحمد، كالرواية ابنه عبد الله («العلل»: ٣/ ٩٣ - رقم: ٤٣٣٣)، ورواية البغوي («المسائل»: ص: ٣٤ - رقم: ٢٢)، ورواية محمَّد بن مقاتل المروزي («التاريخ الأوسط» للبخاري: ١/ ٤٣٧ - رقم: ٩٨٣)، ورواية سلمة بن شبيب («المعرفة» للفسوي: ٢/ ٨٣٠)، ورواية علي بن الحسن الهسنجاني («تقدمة الجرح» لابن أبي حاتم: ص ١٥٩)، ورواية أبي الحسن الميموني («تهذيب الكمال» ٢٨/ ٤٦٢ - رقم: ٦١٦٦). ومع هذا يقوى احتمال سقوط ذكر شعبة من مطبوعة «مسائل أبي داود» أو من نسخته الخطية، وعند فتح باب الاحتمال يرد احتمال آخر وهو أن يكون قد وقع تصحيف في جملة (ثنا يحيى بن سعيد قال … إلخ) صوابه: (ثنا يحيى عن شعبة)، وإبدال (عن) بـ (بن) و (شعبة) بـ (سعيد) يقع كثيرًا من النساخ لتشابه الرسم، والله أعلم. وجاء كلام القطان من رواية ابن المديني عنه، فقال ابن أبي خيثمة في «تاريخه»: (أخبار المكيين- ص: ٢٩٧ - رقم: ٢٥٧): (وقال علي بن المديني أنه سمع يحيى يقول: كان شعبة يقول: أحاديث الحكم عن مقسم كتاب إلا خمسة أحاديث. قلت ليحيى: عدَّها شعبة؟ قال: نعم. قلت ليحيى: وما هي؟ قال: حديث الوتر ..... - وذكر خمسة أحاديث- والحجامة للصائم ليس بصحيح) أ. هـ والجملة الأخيرة يحتمل أن تكون من كلام شعبة، ويحتمل أن تكون من كلام يحيى، والله أعلم. وأما كلام القطان في رواية ميمون بن مهران، فذكره عبد الله بن الإمام أحمد في «العلل»: (١/ ٣٢٠ - رقم: ٥٥٦) قال: (قال أبي وقال أبو خيثمة: أنكر معاذ ويحيى بن سعيد حديث الأنصاري- يعني محمَّد بن عبد الله- عن حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن ابن عبَّاس: احتجم النبي ﷺ وهو محرم وصائم) أ. هـ ويحيى بن سعيد هو: القطان كما هو معلوم، وصرَّح بذلك الذهبي في «الميزان»: (٣/ ٦٠٠ - رقم: ٧٧٦٥). ولكن جاء في «فتاوى الإمام ابن تيمية»: (٢٥/ ٢٥٣) ما نصه: (قال مهنا: سألت أحمد عن حديث حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن ابن عبَّاس أن النبي ﷺ احتجم وهو صائم محرم. فقال: ليس بصحيحٍ، وقد أنكره يحيى بن سعيد الأنصاري) أ. هـ وكذا وقع في «زاد المعاد» للعلامة ابن القيم: (٢/ ٦٢). والذي يبدو- والله أعلم- أنه وقع خطأ في النسحة، ولعل الصواب: (وقد أنكره يحيى بن سعيد على الأنصاري)، والأنصاري هو محمَّد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري راوي الحديث عن حبيب بن الشهيد. (١) «الجامع»: (٢/ ١٣٧ - ١٣٨ - رقمي: ٧٧٥، ٧٧٧).