للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحتى لا يبقى الكلام نظرياً أرى أنه من الضروري أن أورد أمثلة توضح منهج ابن بشير في تعرضه لسبب الخلاف. وأكتفي بذكر ثلاثة أمثلة:

الأول: قال فيمن شك في طلوع الفجر هل يباح له الأكل في رمضان أم لا؟

"وأما إن شك فهاهنا قولان: كراهية الأكل، وتحريمه. ورأى ابن حبيب أن القياس الإباحة.

وسبب الخلاف استصحاب حالين: أحدهما إباحة الأكل، والثاني وجوب الصوم؛ فمن نظر إلى استصحاب زمن الليل؛ أجاز الأكل أو كرهه مراعاة للخلاف، ومن نظر إلى وجوب استصحاب الصوم منع إلا أن يتيقن بالجواز" (١).

الثاني: "وإذا وجبت الزكاة فأديت إلى فقراء الموضع الذي وجبت فيه، أجزت بلا خلاف. فإن أديت إلى غيرهم؛ فإن كان بأهل الموضع حاجة وغيرهم ليس بمنزلتهم، لم تجز، وإن تساوت الحالات فهل يجزي إخراجها إلى غير الموضع الذي وجبت فيه؟ فالمذهب على قولين. وسبب الخلاف قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: "فأخبرهم -يعني أهل اليمن- أن الله أوجب عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم"، فهل يحمل ذلك على فقراء المسلمين أو فقراء أهل الموضع؟ هذا سبب الخلاف ... " (٢).

الثالث: قال في باب الكفارة في الصيام "وأما الكبرى فقد اختلف المذهب في صفتها؛ فالمشهور: أنه ليس فيها إلا الإطعام. لكن اختلف المتأخرون هل ذلك من باب الأولى ويجزئ غيره، أو من باب الأوجب فلا يجزئ غيره. والشاذ أن يكون بالإطعام وغيره. وإذا قلنا بهذا فهل تتنوع بقدر أنواع الموجب، أو تكون على حدٍّ سواء؟ في المذهب قولان: والأشهر تساويهما وإن اختلف الموجب. والشاذ أنها بالإطعام إن كانت بغير


(١) انظر ص: ٧٠٣ من هذا الكتاب.
(٢) انظر ص: ٨٣٩ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>