للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب هذا الخلاف التحاكم إلى اللغة (١) هل يسمى صب الماء من غير تدلك غسلاً أو لا يسمى بذلك إلا إذا قارنه التدلك؟ ويحتج من يسميه غسلاً بقولهم غسلت الأمطار ما تمر عليه، وهو صب الماء من غير زيادة. ويحتج الآخرون بتفريقهم بين الانغماس والاغتسال، ولا فرق إلا إمرار اليد وعدم إمرارها. ويعتذر آخرون عن هذا أن التفرقة ترجع إلى (٢) غير إمرار اليد؛ وذلك أن المغتسل قد عم جميع جسده والمنغمس قد يعم جميع [جسده] (٣)، وقد لا يعم. والثابت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يفيض الماء على جسده ولم يثبت عنه التدلك. وقد روي عنه أيضاً (٤) - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بالتدلك وقد لا يثبت (٥) ذلك. واحتج من أوجب التدلك [أيضاً] (٦) بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " ... أَنْقُوا الْبَشَرَ" (٧). وهذا لا دليل فيه، والمطلوب منه إيصال الماء إلى جميع أجزاء الجسد. هذا (٨) ما يتعلق بالمسألة من جهة اللغة، وأما الالتفات إلى المعنى فلا شك أن المطلوب من الغسل النظافة وإزالة الأوساخ وإنقاء البدن. وهل يحصل ذلك من غير تدلك أم لا؟ فمن أوجب التدلك رأى أنه لا يحصل [الإنقاء إلا به ومن لم يوجبه رأى أن ذلك يحصل] (٩) بمجرد صب الماء.

وأما التحاكم إلى اللغة في تسمية الغسل فلا شك في حصوله وإن لم


(١) في (ق) إلى أهل اللغة.
(٢) في (م) على.
(٣) بياض في (ر) وساقط من (م) و (ص).
(٤) (ت) عن رسول الله.
(٥) في (م) ولا يثبت.
(٦) ساقط من (ت).
(٧) ولفظ الحديث كاملاً: "تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَ" أخرجه الترمذي في الطهارة (١٠٦) واللفظ له، وأبو داود في الطهارة (٢٤٨)، وابن ماجه في الطهارة (٥٩٧)، وقال الترمذي في راوي الحديث الحارث بن وجيه: "حَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ وَجِيهٍ حَديثٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاَّ مِنْ حَدِيثِهِ وهُوَ شَيْخٌ لَيْسَ بِذَاكَ"، وقال فيه أبو داود: "الْحَارِثُ ابْنُ وَجِيهٍ حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ".
(٨) في (ر): وهذا.
(٩) ساقط من (ت).

<<  <  ج: ص:  >  >>