للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفتح بن تركان (ت ٥١٨ هـ) المعروف بالجامعي الذي كان حنبليًا ثم انتقل إلى المذهب الشافعي (١).

بل وجد من انتقل من المذهب الحنبلي إلى المذهب الحنفي ثم الشافعي كالمبارك بن المبارك الواسطي النحوي المعروف بالوجيه. الذي أثار تحركه هذا اشمئزاز كثير من العلماء حتى قال الشاعر أبو البركات ابن زيد التكريتي:

تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل ... وذلك لما أعوزتك المآكل

وما اخترت قول الشافعي تدينًا ... ولكنما تهوى الذي منه حاصل

وعما قليل أنت لا شك صائر ... إلى مالك فافطن لما أنا قائل (٢).

أما المذهب الحنفي فيأتي في الدرجة الثانية بعد المذهب الشافعي رغم تبني الخلفاء العباسيين له وكثير من سلاطين السلاجقة، فقد انحصر انتشاره في العراق وبلاد الأعاجم وخراسان وفارس، ولعل مرد هذا الانحصار إلى كون كثير من المعتزلة تمذهبوا في الفروع بالمذهب الحنفي، فأعرض الناس عنه، خشية أن يتسرب الاعتزال إليهم، أو يصنفوا مع المعتزلة.

وبالنسبة للمذهب الحنبلي، فإنه أقل انتشارًا من سابقيه وقد كان مقتصرًا على بغداد، وذلك لأسباب عديدة منها عدم الدعم السياسي؛ إذ لم تتبنه أية سلطة سياسية، فاكتفى بطاقاته وقدراته الذاتية. أضف إلى هذا طبيعة المذهب، إذ لم ينطلق انطلاقة واضحة من بداية أمره. فقد اختلف في عده مذهبًا مستقلًا. ويعد أبو بكر الخلال هو الذي حسم هذا الخلاف وجعله مذهبًا مستقلًا. يقول الذهبي: "ولم يكن قبله للإمام مذهب مستقل حتى تتبع هو نصوص أحمد ودونها وبرهنها بعد الثلاثمائة" (٣). ورغم هذا كله فإن صوت الحنابلة كان مسموعًا وتأثيره في الساحة ملموسًا. وذلك لجرأتهم


(١) سير أعلام النبلاء ١٩/ ٤٥٧.
(٢) وفيات الأعيان ٤/ ١٥٣.
(٣) السير ١٤/ ٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>