(٢) وسبب اختلافهم في إزالة النجاسة بما عدا الماء فيما عدا المخرجين هو: هل المقصود بإزالة النجاسة بالماء هو إتلاف عينها فقط، فيستوي في ذلك مع الماء كل ما يتلف عينها؟ أم للماء في ذلك مزيد خصوص ليس لغير الماء، فمن لم يظهر عنده للماء مزيد خصوص قال بإزالتها بسائر المائعات، والجامدات الطاهرة، وأيد هذا المفهوم بالاتفاق على إزالتها من المخرجين بغير الماء، ومن رأى أن للماء في ذلك خصوص منع ذلك إلا في موضع الرخصة فقط، وهو المخرجان. ولما طالبت الحنفيةُ الشافعيةَ بذلك الخصوص المزيد الذي للماء لجأوا في ذلك إلى أنها عبادة، إذ لم يقدروا أن يعطوا في ذلك سببا معقولا، حتى إنهم سلموا أن الماء لا يزيل النجاسة بمعنى معقول، وإنما إزالته بمعنى شرعي حكمي، وطال الخطب والجدل بينهم، وهل إزالة النجاسة بالماء، عبادة، أو معنى معقول خلفا عن سلف واضطرت الشافعية إلى أن تثبت أن في الماء قوة شرعية في رفع أحكام النجاسات ليست في غيره، وإن استوى مع سائر الأشياء في إزالة العين، وأن المقصود إنما هو إزالة ذلك الحكم الذي اختص به الماء لإذهاب عين النجاسة، بل قد يذهب العين ويبقى الحكم، فباعدوا المقصد، وقد كانوا اتفقوا قبل مع الحنفيين أن طهارة النجاسة ليست طهارة حكمية، أعني شرعية، ولذلك لم تحتج إلى نية، ولو راموا الانفصال عنهم بأنا نرى أن للماء إحالة للأنجاس والأدناس وقلعها من الثياب والأبدان ليست لغيره، ولذلك اعتمده الناس في تنظيف الأبدان والثياب لكان قولا جيدا، وغيره بعيد بل لعله واجب أن يعتقد أن الشرع إنما اعتمد في كل موضع غسل=