للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدليل لقولنا استصحاب الحال، وكون ذلك الشيء نجسا، فمن زعم أنه يطهر بالمائع سوى الماء فعليه الدليل.

وأيضا قوله تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ (١).

ففي هذا دليلان.

أحدهما: أن الله تعالى أخرج هذا مخرج الامتنان والفضيلة للماء، فلو كان غير الماء في إزالة النجاسة في حكم الماء لبطلت فائدة الامتنان بالماء (٢).

والثاني: هو أنه لو نص على الماء لِينبه على ما عداه من المائعات لوجب أن ينص على أدون المائعات في الإزالة ليكون فيه تنبيه على أعلاها مثل الماء، فلما نص على الماء من بين سائر المائعات، وخصه بالذكر وهو أعلاها علم أنه خصه بالذكر لتخصيصه بالحكم، ثم إنه تعالى أكد ذلك بقوله: ﴿وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ﴾ (٣).

قيل: إنه النجاسة (٤)، وإذا كان النص ورد بالماء دل على أن ما عداه بخلافه.


= النجاسة بالماء لهذه الخاصية التي في الماء، ولو كانوا قالوا هذا لكانوا قد قالوا في ذلك قولا هو أدخل في مذهب الفقه الجاري على المعاني، وإنما يلجأ الفقيه إلى أن يقول: عبادة إذا ضاق عليه المسلك مع الخصم، فتأمل ذلك فإنه بيّن من أمرهم في أكثر المواضع. بداية المجتهد (٢/ ٨٢ - ٨٥).
(١) سورة الأنفال، الآية (١١).
(٢) انظر أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ٤٤١) ولا يخفى عليك أن هذا القول إنما يتأتى لو كان الحنفية قد منعوا التطهير به، فحينئذ يزول الامتنان، أما وهم قد قالوا بذلك، وجعلوه أصلا في التطهير، وقاسوا عليه غيره فأي ذهاب للامتنان في هذه الحال. والله أعلم.
(٣) سورة الأنفال، الآية (١١).
(٤) الذي عليه جمهور المفسرين أن المراد برجز الشيطان الوسوسة، وفي كلام أبي بكر الجصاص=

<<  <  ج: ص:  >  >>