للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضا قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ (١).

فدل على أن غير الماء لا يكون طهورا (٢).

وأيضا ما روي أن أسماء بنت أبي بكر سألت رسول الله عن دم الحيض يصيب الثوب، فقال : "حتيه، ثم، اقرصيه، ثم اغسليه بالماء" (٣).

فأمر بغسله بالماء، والأمر إذا توجه معينا بشيء لم يسقط إلا بالإتيان بذلك المعين (٤)، فوجب إذا غسل بغير الماء أن يكون حكم الأمر باقيا على المأمور، وإلا فهو بمنزلة من لم يغسله أصلا؛ لأنه خالف الأمر، ودليله أن لا يغسل بغير الماء، فقد حصل من هذا الخبر ثلاثة أدلة:

أحدها: أن قوله : "اغسليه بالماء" لفظه لفظ أمر، فهو على الوجوب، ومن عدل عن الماء ترك الواجب (٥).


= ما يشير إلى أن المراد الجنابة، حيث قال: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ يعني من الجنابة لأن فيهم من كان احتلم، وهو رجز الشيطان لأنه من وسوسته في المنام. أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٦١) وانظر تفسير ابن جرير (٢٥/ ٣٧٨٨ - ٣٧٨٩) وزاد المسير (٣/ ٣٢٨).
(١) سورة الفرقان، الآية (٤٨).
(٢) بدليل أنه لا يرفع الحدث والجنابة، فلا يزيل النجس. أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ٤٤١).
(٣) تقدم تخريجه (٢/ ٢٤٧).
(٤) ويجاب عنه بأنه مفهوم لقب، وهو ضعيف عند الجمهور، وأجاب ابن حجر عن هذا قائلا: "وأجيب بأن الخبر نص على الماء، فإلحاق غيره به قياس، وشرطه أن لا ينقص الفرع عن الأصل في العلة، وليس في غير الماء ما في الماء من رقته وسرعة نفوذه، فلا يلحق به. الفتح (١/ ٦٠٧).
قلت: وفي جوابه نظر فإن بعض المائعات لها من القوة في إزالة النجاسة ما ليس للماء، كما سيأتي التنبيه على ذلك من كلام المصنف.
(٥) ليس كذلك لأن الأمر متعلق بالغسل، والماء، وصف، فينصرف إلى الإباحة، نظير =

<<  <  ج: ص:  >  >>