وقولهم: "لما أقيم غير الحجر مقام الحجر في الاستنجاء مع ورود النص في الحجر كذلك في غير الماء من المائعات فإننا نقول: عنه جوابان:
أحدهما: أن النص هو في حكم الحجر.
والثاني: أن النص ورد في الحجر وأقيمت الجامدات الطاهرات مقامه؛ لأنها في معناه لأنها طاهرة، والحجر طاهر، وليس كذلك المائعات من الماء؛ لأنها ليست في معنى الماء الذي هو طاهر مطهر، والمائعات طاهرة غير مطهرة، فلم يجز أن تقوم مقامه.
فإن قيل: قد قلتم: إن الأرض إذا وقعت عليها نجاسة، وطلعت عليها الشموس، ومضت عليها دهور فإنها تطهر، فقد زالت النجاسة بغير الماء عندنا وعندكم (١).
قيل: إن كانت أرضا صلبة لا رمل ولا تراب فإنها لا تطهر، وإن كان عليها رمل أو تراب كثير يعلم أن النجس لم يصل إلى الأرض، ثم جاءت الرياح فأزالت ذلك فإن عين النجس وأثره يزول ولم يكن وصل إلى الأرض، اللهم إلا أن تكون الأرض المكشوفة يعلم أن الأمطار قد جاءت عليها فأزالت عين النجاسة وأثرها فإنها تطهر، فلم يلزم ما ذكروه.
فذكرنا ظواهر واستدلالات، وقياسات وذكروا مثل ذلك، فما قلناه أولى؛ لأن النصوص وردت في طهارة الماء وتطهيره، ووجد العمل على استعماله في الطهارات إلا الموضع المخصوص من الاستنجاء، ولأنه أحوط لزوال الخلاف، ولأنه موجب للماء، وهم يخيرون بين الماء وبين المائع، ولأنه يسقط حكم الصلاة بيقين، وهم يسقطونها بخلاف.
(١) والأصح عند الشافعية والحنابلة أنها لا تطهر. انظر المجموع (٣/ ٤٩٦).