للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: هذا يتناول المياه كلها، والجنس كله لا ينجسه إلا ما غيره، وليس بعض الجنس هو الجنس كله.

قيل: هذا ساقط بالإجماع، وإنما أراد أن هذا الجنس من الماء مخالف لما سواه من المائعات، المائعات، ألا ترى أن قليله ينطلق عليه اسم الماء (١)، فإن لم تحله نجاسة كان طاهرا مطهرا بإجماع يجوز استعماله، كالكثير منه، وإن تغير لم يجز بالإجماع (٢) كالكثير منه، كما أن جنسه مُرو، وجنس الخبز مشبع، فكل جزء منه له هذا الحكم.

وأيضا فإن النبي سئل عن الحياض ترد عليها السباع والكلاب، فقال: "لها ما أخذت في بطونها، ولكم ما غبر شراب وطهور" (٣).

وسؤر الكلب -عند المخالف- نجس (٤)، وقد يكون من الحياض ما فيها من الماء قليل دون الغدير، ودون القلتين، وتنتشر في جمعيه، فلو كان


= عليه اسم الطهورية مع عدم تغيره أم لا؟ فإن قالوا: نعم قلنا: فالجمع بين كونه طهورا وبين منع استعماله تناقض، فإن قالوا: لا نسميه طهورا أكذبهم وقوله : خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه، فأخبر أنه طاهر مطهر ما لم يتغير أحد أوصافه، ولم يجعل بين كونه طاهرا مطهرا وبين كونه نجسا واسطة سوى التغيير، وهم يقولون إنه نجس مع عدم التغيير، ولا خفاء ببطلان ما قالوه ولا بيان بعدما بينه رسول الله تهذيب المسالك (١/ ٣٢٤).
(١) وهو ما يسمى باسم الجنس الإفرادي، وهو الذي يطلق على القليل والكثير واللفظ واحد، مثل الماء والزيت والذهب ونحو ذلك.
(٢) وممن نقله ابن المنذر في الأوسط (١/ ٣٦٨) وابن تيمية في مجموع الفتاوي (٢١/ ٣٠) وابن عبد البر في الكافي (١٥) وكثيرون، وانظر إجماعات ابن عبد البر (١/ ١٢٦ - ١٤٥).
(٣) تقدم تخريجه (٢/ ٥٣٩).
(٤) وسيأتي الحديث عن ذلك بتفصيل (٣/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>