للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحكم يختلف لبينه ، فلما لم يخص دل على عمومه إلا أن يقوم دليل.

وأيضا فإن النبي أمر بصب ذنوب أو ذنوبين على بول الأعرابي في المسجد (١)، وقد علمنا أنه أراد تطهير المكان بهذا القدر من الماء، ولا يطهر إلا بزوال النجاسة، ولم تزل إلا بغلبة الماء الذي هو دون المقدار الذي يعتبره المخالف، ومعلوم أن هذا القدر من الماء لا يزيل النجس إلا وقد حل فيه النجس أو بعضه، وإذا حصل النجس فيه لم يكن بد من أن يحكم له بالطهارة؛ لأنه لو لم يطهر لكان نجسا، ولو كان نجسا لما زال حكم النجاسة عن الموضع؛ لأنه كلما لاقى النجس الماء نجسه، وإذا نجسه لاقى ذلك الماء النجس للنجاسة، فأدى ذلك إلى أن لا تزول النجاسة، ولا يطهر المكان.

فإن قيل: إن الجزء الأخير من صب الماء هو الذي يطهره.

قيل: أليس البقعة نجسة على ما كانت قبل الصبة الأخيرة؟ فإذا لاقاها كل جزء من الصبة الأخيرة تنجس ذلك الجزء من الماء، فلاقي النجس النجس، فلم تحصل طهارة البقعة على وجه، فلما كانت البقعة قد طهرت علمنا أنها لم تطهر إلا والماء الذي طهرها، طاهر، فبان بهذا أن الحكم لغلبة الماء على النجاسة (٢).

ولنا أيضا ما رواه أبو سعيد الخدري أن رسول الله سئل فقيل له: إنك تتوضأ من بئر بضاعة (٣)، وهي تطرح فيها


(١) تقدم تخريجه (٢/ ٢٦١).
(٢) انظر الأوسط (١/ ٣٧٧).
(٣) قال ابن الملقن: "بضم الباء الموحدة، ويقال: بكسرها، لغتان، حكاهما الجوهري وغيره، =

<<  <  ج: ص:  >  >>