للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأن الاعتبار الصحيح في التغير قد استوى في قليل الماء وكثيره، فينبغي أن يتفق الحكم بعدم التغير في قليله وكثيره، فيكون طاهرا كما كان نجسا بالتغير في قليله (١٥٩) وكثيره.

ومما يقوي ما قلناه وأن المقادير والتحديد لا تثبت بمثل هذا أن القلال والقرب تختلف وتتباين في الكبير والصغير، ولا يكاد يوجد في بلد من البلدان على تقدير واحد؛ لأنها تحمَّل على حسب العاملين لها من شيخ وشاب، وكبير وصغير، لابد من تفاضل ما بينها، ولو اتفقت أو تقارب في بلد من البلدان لم تتفق في سائر البلدان، والعبادة في تقدير الماء لا يختص بها أهل بلد دون بلد، فعلم بهذا أنه لم يقصد بذكرها التحديد والمقدار.

فإن قيل: فإن المكاييل والأرطال (١) قد تختلف في البلدان، ولم يدل ذلك على أنها لم تجعل مقادير.

قيل: إن هذه وإن اختلفت في البلدان فإن أصلها وما كان في زمن النبي مضبوط متفق عليه، غير مختلف فيه، ولم يثبت تقدير القلة، ولا ضبط، ولا اتفق عليه، وقد ضبطت مقادير النصب في الزكاة، وضبط كل ما كان مقدرا ضبطا لا يُشكل، وليست القلة كذلك؛ لأنها لم تضبط برطل معلوم وقدر معلوم، ولم يفرق بين قلة وقلة، مع كثرة اختلاف القلل وتقاربها، ولابد من تباين ما فيها.

فإن قيل: قد قال ابن جريج: بقلال هَجَر (٢).


(١) جمع رطل: وهو معيار يوزن به أو يكال، يختلف باختلاف البلدان. المعجم الوسيط (٣٥٢).
(٢) قال ابن الملقن: هجر بفتح الهاء والجيم، قرية بقرب المدينة، ليست هجر البحرين، =

<<  <  ج: ص:  >  >>