ثم لو جعلناه دليلا لنا لصح، وذلك أن ما زاد على القلتين بمقدار رطل أو رطلين أو عشرة في معنى ما نقص عن القلتين بهذا القدر، يمكن حفظ الجميع في الأواني ولا يشق، فينبغي أن يتفقا في الحكم، إما في النجاسة أو الطهارة، وأنتم تفرقون بينهما.
وعلى أنه يلزمكم إذا كان الماء كثيرا لا يمكن التحرز منه بحفظه أن تعفوا عن النجاسة وإن أثرت فيه؛ لأن حفظه يشق.
ثم إن الماء الذي هو دون القلتين لا يمكن حفظه في العادة من يسير نجاسة تقع فيه، إما من ذباب يموت فيه، أو برغوث، أو وزغة صغيرة تدخل فيه وتموت، أو ما أشبه ذلك، فينبغي أن يكون معفوا عنه؛ لأن هذا يسير يشق التحفظ منه، فهو في الماء القليل كهو في الكثير، ويستوي هذا الحكم فيه في كل موضع، سواء أصاب دم البراغيث الثوب والبدن أو الماء؛ لأن دم الرعاف معفو عنه إذا كان يسيرا في الثوب كدم البراغيث، وكذلك كل قليل من الدم إذا لم يكن مسفوحا، بخلاف غيره من الأنجاس، فينبغي أن يستوي حكمه سواء حل في الثوب أو في الماء إذ لا يمكن التحرز منه، وقد عفي عنه، والبول وما أشبهه إذا خرج على وجه العادة يمكن التحفظ منه، غير أنه إذا أصاب الثوب والبدن تنجس، وليس حكمه في الماء كحكمه في الثياب والمائعات غير الماء؛ لأن الماء يطهر الأنجاس ما دام غالبا عليها، ويدفعها عن نفسه، فسواء كان قليلا أو كثيرا، أمكن حفظه أو لا، ألا ترى أن