للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بها؛ لأن الاتفاق قد حصل على أن العلة في الكثير إذا تغير هو غلبة النجاسة على الماء، وهذا موجود في القليل، وإذا لم يتغير الكثير من الماء كان الحكم للماء، فكذلك القليل منه، وهذا مستمر.

والجواب الآخر: هو أننا قد قسناه إذا لم يتغير على الكثير إذا لم يتغير، فكان قياسنا أولى؛ لأن الحكم يوجد بوجوده، ويرتفع بارتفاعه حيث كان، والنصوص تؤيده.

فإن قيل: فإن الأصول موضوعة على أن كل نجاسة لا يمكن الاحتراز منها، وتشق إزالتها [يكون] (١) معفوا عنها، ألا ترى أن دم البراغيث والقليل من الدم على بدن الإنسان معفو عنه إذ لا يمكن الاحتراز منه، وكذلك أثر الاستنجاء، والمستحاضة، وسلس البول يصلي به ولا إعادة عليه؛ لأن الاحتراز منه لا يمكن ولو خرج البول منه دفعة أو دم الفصاد كانت عليه الإعادة؛ لأن الاحتراز منه يمكن، كذلك أيضا إذا كان الماء دون القلتين يمكن الاحتراز من وقوع النجاسة فيه؛ لأنه يحفظ من الأواني، فلم تكن هذه النجاسة معفوا عنها، والماء إذا كان قلتين وأكثر لا يمكن الاحتراز من وقوع النجاسة فيه؛ لأنه لا يحفظ في العادة في الأواني، فكان معفوا عنها (٢).

قالوا: وهذه نكتة المسألة، وفيها جواب عما قلتموه، ألا ترى أن سائر المائعات من الخل واللبن وغيرهما لما أمكن حفظه من النجاسة لم تكن النجاسة فيها معفوا عنها، سواء كان المائع قليلا أو كثيرا فإنه ينجس (٣)، لأنه


(١) في الأصل: لم يكن، وهو خطأ.
(٢) انظر المجموع (٢/ ٧٩).
(٣) تقدم بيان الخلاف في هذا وأن الصحيح أنها لا تنجس إلا بالتغير.

<<  <  ج: ص:  >  >>