للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لاقت نجسا لم يغير الماء كرهنا له ذلك أيضا (١).

فإن قيل: فقد روى في خبر أبي قتادة حين أصغى الإناء للهر وقال لكبشة: سمعت رسول الله يقول: "إن الهر ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات" (٢).

فجعل العلة في جواز شربها طهارتها، فعلم أنها لو كانت نجسة لم يجز أن تشرب منه، ومن اعتبر عدم التغير في جواز شربه أسقط تعليل أبي قتادة.

قيل: قوله : "إنها ليست نجسة" أي بمبعدة؛ لأنها من الطوافين، وإن كانت سبعا من السباع، ودليله: أنها لو كانت مبعدة كرهنا شربها من الإناء؛ لأن الكلب وغير الهر من السباع التي تأكل الجيف في غالب الحال يمكن التحرز منها، وحفظ الماء عنها؛ لأن غير الهر لا يكون نجسا؛ لأنه ليس - عندنا - في الدنيا حيوان نجس (٣).

ثم إن النجاسة لو حصلت في الماء ولم تغيره فإن الماء طاهر، فلم يلزمنا ما ذكروه، ولكنه مكروه لأجل خلاف الناس فيه.

فإن قيل: فإنه ماء قليل خالطته نجاسة فوجب أن يكون نجسا، أصله إذا تغير بها.

قيل: عنه جوابان:

أحدهما: أنه إذا تغير بها صار الحكم للنجاسة كالكثير من الماء إذا تغير


(١) تقدم الحديث عن علة النهي في المسألة الخاصة بذلك.
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٥٤٠).
(٣) سيناقش المصنف هذه المسألة فيما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>