للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله الماء طهورا لا ينجسه شيء" (١) على الكثير منه، فصرتم إلى مثل قولنا في الفصل، فقولنا أحسن؛ لأننا فصلنا بين القليل والكثير بفصل معلوم، وأنتم لم تفعلوا ذلك، فلم ينحصر مذهبكم لعدم الفصل الصحيح بين الماءين.

قيل: إننا لم نفصل بين القليل والكثير في تطهير ولا تنجيس، وجعلناهما سواء في الأمرين جميعا، وإنما فصلنا بينهما في الكراهية لأجل خلاف الناس في القليل، فإن مالكا لا يقطع على مسائل الاجتهاد أن الحق عند الله - تعالى - فيما يقول دون ما ذهب إليه من خالفه؛ لأنه غلبة ظن يجوز أن يكون مخالفه فيه مصيبا، وهو مخطئ عند الله - تعالى - خطأ يعذر به، فاستعمل خبر البول في الماء والوضوء منه على الكراهية؛ لأن هذا الضرب من الاجتهاد يجوز.

فإن قيل: فإن النبي قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده" (٢).

فمنعه من إدخال يده فيه احتياطا لنجاسة مشكوك فيها لم يتحقق وجودها، فعلم أنها لو كانت متحققة نجس ذلك الماء.

قيل: إن النبي لم يمنع من ذلك على وجه التحريم، وإنما هو كراهية [لا] (٣) لأجل نجس، ولكن تنظفا لئلا تكون يده لاقت موضعا يكره أن يخالط الماء، مثل أن يدخلها في أنفه، أو يلاقيها دنس ووسخ دون النجاسة، ولو


(١) تقدم تخريجه (٢/ ٥٠٥).
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ١٠).
(٣) ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>