للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنه قال: إن القلة تسع فرقين (١) أو فرقين وشيئا، فصحف وإنما هي قربتين.

وقيل: إن القلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا، فجعل الشافعي الشيء نصفا على التقريب والاحتياط، وجعل الجميع خمس قرب (٢)، وقدر كل قربة مائة رطل (٣)، فتصير القلتين خمسمائة رطل بضرب من الاجتهاد، وهذا يمنع أن يخالفه غيره فيقدره بستمائة رطل، أو أربعمائة رطل إذ لا نص في تحديده بخمسمائة رطل من كتاب، ولا سنة ولا إجماع، ولا قياس محقق، وليس يجوز العدول عن الظواهر من الكتاب والسنة والاعتبار الصحيح بمثل هذا، وقد ثبت ما قلناه بما ذكرناه من الاعتبار الصحيح الذي علامة في الطرد والعكس؛ لأن الجميع قد اتفقوا على أن الماء الكثير والقليل إذا تغير أحد أوصافه بالنجس فإنه نجس، فيجب إذا لم يتغير أن لا يختلف أيضا في قليله وكثيره.

ويحقق هذا قوله : "خلق الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه" (٤)، وبهذا تنتظم الدلالة على أبي حنيفة والشافعي.

فإن قيل: فأنتم قد فصلتم بين قليل الماء وكثيره، وقلتم: لا يبولن في الدائم ثم يتوضأ منه، وقد فرقتم بينه وبين البرك العظام فقلتم: لا بأس به فيها، فحملتم الخبر على الكراهية في القليل، واستعملتم قوله : "خلق


(١) الفرق: - بالتحريك - مكيال يسع ستة عشر رطلا، وهي اثنا عشر مدا، أو ثلاثة آصع عند أهل الحجاز. النهاية. (٧٠٢).
(٢) انظر الأم (٢/ ١١).
(٣) لا يوجد هذا في كلام الشافعي، وإنما ذكره بعض أصحابه كالشيرازي في المهذب (٢/ ٩١).
(٤) تقدم تخريجه (٢/ ٥٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>