سلموا ذلك قلنا: إنما لم يجز أكله لأنه نجس بالموت، فصار كاللحم.
وإن لم يسلموا المنع من أكله دللنا عليه بما روي أن النبي ﵇ مر بشاة ميمونة - وقد طرحت وهي ميتة - فقال:"هلا دبغتم إهابها فانتفعتم به". فقالوا: إنها ميتة، وقد علم ﵇ أنها ميتة - فقال:"إنما حرم أكلها"(١).
ومن المحال أن يكون إنما أعلمهم أن اللحم حرم أكله دون الجلد لأنهم طرحوها وهم يعلمون أن لحم الميتة محرم، ويعتقدون ذلك، وكذلك الجلد، فوجب أن تكون الفائدة في إعلامهم حكم الجلد الذي أباحهم الانتفاع به، وأنه الذي حرم أكله دون النفع به، أو تكون الفائدة أن الذي يتأتى أكله منها محرم أكله، وأن الجلد منه أيضا، وإذا كنا قد اتفقنا على أن الموت يحل في الجلد كما يحل في اللحم، ثم اتفقنا على أن غسل اللحم أقوى من الدباغ، وهو لا يزيل حكم النجاسة الحالة فيه بالموت كانت الدباغة أولى أن لا تزيل حكم النجاسة الحالة بالموت في الجلد أو تكون كالغسل لا يزول به حكم النجاسة.
وفارق حكم هذه النجاسة حكم سائر النجاسات العارضة في الثياب؛ لأنها لو كانت بمنزلتها لزالت بالغسل عن اللحم كما يغسل عنه الدم في الذكاة، ولجاز بيعه وبيع الجلد من الميتة قبل أن يدبغ، كما يباع لحم المذكي وعليه دم.
فإن قيل: جميع ما ذكرتموه مخصوص بما رواه الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ مر بشاة