للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله : "فقد طهر" (١)، وجميع ما ذكر في الطهارة فإننا نقول: طهارة وطهور اسم مشترك في اللغة والشريعة فتارة يكون لزوال حكم النجاسة، ويصلح للعبادة، ولرفع درجة، وللتمييز على ما بيناه في مسألة الكلب (٢)، وحقيقة الطهارة إنما هي نقل من حال إلى حال، فقد نقلت الدباغة من منع استعماله إلى استعماله على وجه دون وجه، ولا ينبغي أن يكون كالذكاة التي تبيحه على كل وجه؛ لأن الذكاة هي الأصل، وهي طهارة، فلا ينبغي أن يكون حكم الفرع كحكمها من كل وجه، وإن كانا جميعا يسميان بالطهارة، ألا ترى أن الطهارة بالماء ترفع الحدث، فإذا عدم الماء جاز التيمم، وقد طهارة، سمي ثم مع هذا فلم يساو حكم الأصل لضعفه عنه، فلم يجز أن يتيمم قبل الوقت، ولا يرفع الحدث، ولا يجمع به بين صلاتي فرض عندنا وعند الشافعي (٣)، فلما كان البدل فيما يسمى طهارة أضعف من المبدل فكذلك الدباغة أضعف من حكم الذكاة التي هي الأصل، وإن كان اسم الطهارة يتناولهما جميعا.

فإن قيل: إطلاق طهارة تقتضي طهارة من رفع حدث أو إزالة نجس، فإذا لم تكن في الدباغ لرفع حدث فهي لرفع نجاسة.

قيل: قد بينا في مسألة ولوغ الكلب أنها تكون أيضا للتنظف (٤)، فلا نسلم أنها لا تكون في الشريعة إلا لما ذكرتم، والتيمم أيضا يسمى طهارة ولم يرفع الحدث، فإذا كان أريد من أجل الحدث وإن لم يرفعه جاز أن تراد


(١) تقدم تخريجه (٣/ ١١١).
(٢) انظر ما تقدم (٢/ ٥٥٣).
(٣) ستأتي هذه المسائل في باب التيمم.
(٤) تقدمت هذه المسألة (٢/ ٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>