للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدباغة من أجل النجس ولا تدفعه، فتكون إباحة الدباغة دون إباحة الذكاة، كما كان حكم التيمم دون حكم الماء.

ثم لو كان طهارة تتناول ما ذكرتموه جاز أن نحملها على ما ذكرناه بما بيناه من حكم الميتة، ومساواة الجلد للحم.

وأما قوله : "دباغ الأديم ذكاته" (١) فإن جلد الميتة قبل دباغه لا يتناوله اسم أديم، وإنما يسمى أديما بعد الدباغ (٢)، فكأنه قال : "دباغه ذكاته"، أي ذكاة ريحه وطيبها فصارت ذكية.

وكذلك نقول: إن ذكاته التي هي طيب رائحته إنما تكون بالدباغ الذي يخرج معه السهوكة وتغير الريح، وهذا هو الأصل في الذكاة، والذكي هو الطيب الريح (٣)، وإنما نقل إلى اسم الريح لأن الحيوان إذا ذبح كان طيب الريح بخلاف الميت، فإذا كان أصل الذكاة ما ذكرناه حملنا قول النبي على هذا، ونكون بهذا أولى منكم في اللغة لأنكم تجعلون الدباغة تشبيها بالذكاة، فتقديره: كذكاته، أي مثل ذكاته، فتضمرون كاف التشبيه، ونحن لا نضمر شيئا، بل نجعل الدباغة بالشب والقرظ (٤) هي بعينها ذكاته وطيب ريحه، فتقديره تقدير قولنا: الله ربنا، فربنا هو الله، والله هو ربنا، وكذلك محمد نبينا، وزيد قائم، زيد هو القائم، والقائم هو زيد.


(١) تقدم تخريجه (٣/ ١١١).
(٢) على خلاف بين أهل اللغة، فقد قيل أيضا بإطلاقه عليه قبل الدبغ. انظر القاموس (٤/ ٨٢ - ٨٣) واللسان (أدم).
(٣) انظر القاموس (٤/ ٣٧٦).
(٤) وهو ورق السلم يدبغ به. الصحاح (قرظ) والنهاية (٧٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>