للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"لا تنتفعوا من الميتة بشيء" (١)، وهذا ميتة؛ لأن الذكاة لا تبيح أكل لحمه، فيصير كذبح المجوس والمحرم (٢).

قيل: جميع ذلك دليل لنا؛ لأن الله تعالى حرم الميتة، واستثنى منها ومما ذكر معها المذكى، فقال: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾، معناه: لكن ما ذكيتم؛ لأن هذا من الاستثناء المنقطع (٣)، فلما استثنى المذكى صار قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ خارجا من حكم الميتة، ولو كان ميتة لكان حراما.

وكذلك نقول في قول النبي : "لا تنتفعوا من الميتة بشيء" (٤): إن هذا خارج عن حكم الميتة، داخل في قوله: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾.

فقد صار لنا من قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ (٥)، ومن قوله دليل الخطاب في أن غير الميتة ليس بمحرم علينا؛ لأن ما عدا المذكور بخلافه.


(١) تقدم تخريجه (٣/ ١٠٦).
(٢) انظر المجموع (٢/ ٢٤٣).
(٣) وهو صادق بأمرين: الأول: أن يكون المحكوم عليه بنقيض الحكم ليس من جنس الأول، نحو: جاء القوم إلا حمارا والثاني: أن يكون المحكوم عليه في الثاني من جنس الأول، إلا أن الحكم على الثاني ليس بنقيض الحكم الأول، كقوله تعالى: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى﴾ فإنه استثناء منقطع على التحقيق، مع أن المحكوم عليه في الثاني هو عين المحكوم عليه في الأول، إلا أن الحكم على الثاني ليس نقيضا للحكم على الأول لأن الحكم على الأول عدم ذوق الموت في الآخرة، والحكم على الثاني ذوقه في الدنيا، وذوقه في الدنيا ليس نقيضا لذوقه في الآخرة .. نثر الورود (١٨٧ - ١٨٨) وانظر إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك (١/ ٥٧١ - ٥٧٣) والمقاصد الشافية (٣/ ٤١٧ - ٤٢١).
(٤) تقدم تخريجه (٣/ ١٠٦).
(٥) سورة المائدة، الآية (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>