للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال: "ذكاة الأديم دباغه"، فأقام الذكاة مقام الدباغ لها، وأنها تعمل عمله، فلما كان الدباغ يعمل في ذلك كانت الذكاة كذلك (١).

ويدل على ما نقوله أن الدباغة بدل من الذكاة بدليل أن الشاة الذكية لا يحتاج جلدها إلى دباغ يطهره، وإذا عدمت الذكاة وحل الموت أقيمت الدباغة في تطهير الجلد مقام التذكية، فإذا كانت الدباغة بدلا من الذكاة فهي فرع لها، ومن المحال أن يعمل الفرع ولا يعمل الأصل الذي هو أقوى منه في التطهير، ألا ترى أن التيمم الذي هو بدل الوضوء يبيح الصلاة ولا يرفع الحدث (٢).

ولنا أن نقول: هو جلد يطهر بالدباغ فوجب أن يطهر بالذكاة أصله ما يؤكل لحمه.

فإن قيل: جلد الميتة - عندكم - لا يطهر بالدباغ.

قيل: يطهر، ثم صفة الطهارة هي على وجه دون وجه، وعلتننا تنتظم أنه يطهر، وقد صحت، ولنا رواية أخرى أنه يطهر على كل وجه.

فإن قيل: فقد قال تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ (٣)، وقال :


(١) قال النووي: "وأما الجواب عما احتجوا به من حديث: "دباغ الأديم ذكاته" فمن أوجه - على تقدير صحته -: أحدها: أنه عام في المأكول وغيره، فنخصه بالمأكول بدليل ما ذكرنا. والثاني: أن المراد أن الدباغ يطهره والثالث: ذكره القاضي أبو الطيب أن الأديم إنما يطلق على جلد الغنم خاصة، وذلك يطهر بالذكاة بالإجماع، فلا حجة فيه للمختلف فيه". المجموع (٢/ ٢٤٥).
(٢) والجواب أن الدباغ موضوع لإزالة نجاسة حصلت بالموت، وليس كذلك الذكاة، فإنها تمنع عندهم حصول نجاسة. المجموع (٢/ ٢٤٥).
(٣) سورة المائدة، الآية (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>