للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: الجواب عن هذا أيضا من وجوه:

أحدها: أن قولكم: "إنه تعالى قرن ذكر الصوف والوبر والشعر بالجلد" لا يقدح في الاستدلال بالعموم، ثم تقوم دلالة على إخراج الجلد.

ثم إنه ينقلب عليكم؛ لأنكم تجوزون الانتفاع بالصوف والشعر في حال الحياة، ولا تجيزونه في الجلد إذا أخذ في حال الحياة، فنحن وأنتم في هذا سواء، وأما حال الممات فأنتم تدبغون الجلد وتنتفعون به، ولا تنتفعون بالصوف والشعر، فقد فرقتم بين ذلك وبين الجلد في الحياة والممات، وإن كان الله تعالى قد امتن بهما جميعا، وقد اتفقنا جميعا على جواز الانتفاع بالجميع مع الذكاة، والانتفاع بالصوف والشعر دون الجلد في الحياة، وبقيت حال الممات، فأجزتم الانتفاع بالجلد إذا دبغ، ومنعتم من الصوف والشعر، وأجزنا نحن الانتفاع بالشعر والجلد في الحال التي امتن الله تعالى علينا؛ لأن الجلد إذا دبغ جاز أن نتخذ منه بيوتا نستخفها يوم طعننا ويوم إقامتنا، وإنما


= قال الله تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ ثم قال: ﴿وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾، فهذا على وقت صلاة الفجر، ووقت الظهر، ووقت المغرب على اختلاف فيه، لأنه قد أريد به فعل الصلاة المفروضة في هذه الأوقات، فصار "حين" في هذا الموضع اسما لأوقات هذه الصلوات، ويشبه أن يكون ابن عباس في الرواية التي رويت عنه في الحين أنه غدوة وعشية ذهب إلى معنى قوله تعالى ﴿حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾، ويطلق ويراد به أقصر الأوقات، كقوله تعالى: ﴿وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ﴾ وهذا على وقت الرؤية، وهو وقت قصير غير ممتد، ويطلق ويراد به أربعون سنة لأنه روي في تأويل قوله تعالى: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ﴾ أنه أراد أربعين سنة، والسنة والستة الأشهر والثلاث عشرة سنة، والشهران، على ما ذكرنا من تأويل السلف للآية كله محتمل، فلما كان ذلك كذلك ثبت أن الحين اسم يقع على وقت مبهم، وعلى أقصر الأوقات، وعلى مدد معلومة بحسب قصد المتكلم".
أحكام القرآن (٣/ ٢٣٦ - ٢٣٧) وانظر أيضا اللسان (حين) والقاموس (٤/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>