للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رآها مسلوخة من الجلد جاز أن يقول: رأيت الميتة، ولو مسها مسلوخة قال: مسست الميتة (١)، وفي الحقيقة لو مس الشعر دون الجلد لقال: مسست شعر الميتة، وإنما الحقيقة تتناول الجملة، سواء كان عليها شعر أم لا.

فإن قيل: ما ذكرتموه من المساواة في استعمال الآيتين من قوله تعالى ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا﴾ (٢) فلنا نحن الترجيح؛ لأن آيتنا في ذكر الميتة، قصد بها بيان الأعيان المحرمة، وآيتكم قصد بها الامتنان وعد النعمة علينا، والآيتان إذا تقابلتا وقصد بإحداهما تحريم الأعيان التي وقع فيها الاختلاف، وقصد بالأخرى غير ذلك كان ما قصد به بيان التحريم والتحليل أولى، كما نقول في قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ (٣) وفي قوله تعالى ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ (٤) كل واحدة منها عام من وجه، خاص من وجه، فكان تقديم قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ أولى؛ لأنه قصد بها بيان الأعيان المحرمة، وقصد بقوله: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ (٥) بيان العدد الذي يحل ولا يحل.

قيل: عن هذا جوابان:

أحدهما: أن قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ يفيد تحريم ما يموت، والشعر لا يحله الموت، وإنما ينقطع نماؤه بموت ما يموت، فلم نسلم لكم


(١) لأنها إضافة مجاز، كما يقال: سوداء، وإن كان سنها أبيض. التجريد. (١/ ٩٢).
(٢) سورة النحل، الآية (٨٠).
(٣) سورة النساء، الآية (٢٣).
(٤) سورة النساء، الآية (٣).
(٥) سورة النساء، الآية (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>