للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا فرق بين حياته وموته، فلما تقرر أن الجلد من الشاة لو قطع في حياتها لكان ميتا نجسا كان كذلك في موتها، ولما كان الشعر إذا قطع منها في حياتها لم يكن ميتا نجسا كان كذلك في موتها.

فإن قيل: خبر شاة مولاة ميمونة حجة لنا؛ لأنه بين حكم الجلد بأنه إذا دبغ انتفع به، وأعرض عن غيره؛ لأنه لا سبيل إلى الانتفاع بشيء من هذه الجملة إلا بالجلد حسب دون غيره، لا سيما على مذهب من يقول: إن الشعر طاهر، فهو في الحال مال عنده، ولم يبين حكمه، فدل على ما ذكرناه.

قيل: النبي بين حكم الجلد الذي الشعر والصوف عليه فقال: "هلا أخذوا إهابها فدبغوه وانتفعوا به" (١)، فعلم أنه أباح الجلد والشعر جميعا، فلما قالوا له: إنها ميتة علم أن الجلد ميتة، فقال: "إنما حرم أكلها" (٢) إشارة إلى الجلد الذي يتأتى فيه الأكل، وإلى اللحم أيضا، وبقي الجلد والشعر الذي عليه على جملة الانتفاع بقوله: "ألا انتفعوا به"، فلم يحتج إلى بيان ثان.

وليس قوله : "إنما حرم أكلها" (٣) بيانا لحكم الانتفاع بها؛ لأنه قد تقدم، وإنما هو بيان لحكم الأكل، وأنه محرم دون الانتفاع به.

ولنا أيضا ما رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه: أن رجلا سأل النبي عن الصلاة في الفراء. فقال: "أين الدباغ؟ " (٤).


(١) تقدم تخريجه (٣/ ١١٠)
(٢) تقدم تخريجه (٣/ ١١١).
(٣) تقدم تخريجه (٣/ ١١٠).
(٤) أخرجه البيهقي (١/ ٣٨) وفيه عبد الرحمن بن أبي ليلى كثير الوهم كما قال البيهقي، وقال ابن حجر في التقريب ص (٤٩٣): صدوق سيء الحفظ جدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>