للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حياة، وينجس بالموت.

قيل: الظفر لا حياة فيه، غير أن أصله يسقيه الدم كالريش، فهو ينمي كما ينمي الشعر، ولكن الشعر لا تسقي أصوله الدم.

فإن قيل: فإن الرِّجل الخدرة (١)، ومن شرب البنج، والمجنون لا حس لهم ولا ألم، ولم يدل ذلك على أنه لا يحكم لهم بحكم الحي، فكذلك الشعر.

قيل: إن الرجل الخدرة كان الألم فيها مخلوقا موجودا، ثم قد تعود إذا زال الخدر، وليس كذلك الشعر.

وأما المجنون والسكران فبهذه المنزلة، على أنهما يحسان، وإنما تذهب عقولهم فلا يميزون، والشعر ينمي بنماء الحي لاتصاله به، كما ينمي النبات باتصاله بالأرض.

فإن قيل: إن في الأرض حياة، قال الله تعالى: ﴿أَحْيَيْنَاهَا﴾ (٢).

قيل: لا يقال فيها روح، فعلم أنه ذكر الحياة فيها مجاز، وإنما شبهت بما فيه الحياة، ألا ترى أن الله تعالى قال في الزرع إذا هلك: ﴿ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا﴾ (٣). ولم يقل: "إنه يموت" (٤)، وإنما نحن


(١) الخدر فتور واسترخاء يغشى الأعضاء. اللسان (خدر) والمخدر مادة تسبب في الإنسان والحيوان فقدان الوعي بدرجات متفاوتة، كالحشيش والأفيون، والجمع مخدرات. المعجم الوسيط (٢٢٠).
(٢) سورة يس، الآية (٣٣).
(٣) سورة الحديد، الآية (٢٠).
(٤) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والحياة نوعان: حياة الحيوان، وحياة النبات، فحياة الحيوان =

<<  <  ج: ص:  >  >>