للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نقول ذلك مجازا، وحقيقة الموت إنما هو فيمن له روح، وليس في الأرض ولا في الزرع روح.

فإن قيل: فقد روي أن النبي قال: "لا تنتفعوا من الميتة بشيء" (١) وهذا عام في جميعها.

قيل: قد ذكرنا أن حقيقة الميتة لما فيه روح فعدمت منه، وذلك لا ينتفع منه من شيء إلا بدليل.

ثم لو تناوله العموم لجاز أن يخص كما خص الجلد بالدباغ، وكما جاز استعمال الشعر في حال الحياة، وقد ذكرنا ما يخص ذلك.

فإن قيل: فإن اللبن يؤخذ في حياة الحيوان فيكون طاهرا، ثم إذا مات الحيوان وهو فيه نجس، فكذلك الشعر.

قيل: إنما نجس اللبن إذا مات الحي لأنه يحصل بالموت في وعاء نجس، لا أنه نجس بموت الحي، وليس كذلك الشعر.


= خاصتها الحس والحركة الإرادية، وحياة النبات خاصتها النمو والاغتذاء، وقوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ إنما هو بما فارقته الحياة الحيوانية دون النباتية، فإن الشجر والزرع إذا يبس لم ينجس باتفاق المسلمين، وقد قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾، وقال: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾، فموت الأرض لا يوجب نجاستها باتفاق المسلمين، وإنما الميتة المحرمة ما فارقها الحس والحركة الإرادية، وإذا كان كذلك فالشعر حياته من جنس حياة النبات، لا من جنس حياة الحيوان، فإنه ينمو ويغتذي ويطول كالزرع، وليس فيه حس ولا يتحرك بإرادته، فلا تحله الحياة الحيوانية حتى يموت بمفارقتها، فلا وجه لتنجيسه". مجموع الفتاوى (٢١/ ٩٧ - ٩٨).
(١) تقدم تخريجه (٣/ ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>