ونظير اللبن وحصوله في وعاء نجس أن يتلوث الشعر بالدم، أو يحصل فيه فإنه يغسل، واللبن مائع ينجس بكونه في الوعاء النجس، ولا يمكن غسله.
فإن قيل: فإن الشعر والصوف جزء متصل بالبدن مشاهد، له مدخل في الطهارتين الأعلى والأدنى، فيلحقه حكم الحياة والموت كالجلد.
قيل: إن الشعر المتدلي من اللحية والرأس مثل الضفائر لا مدخل له في الوضوء، فلا يلحقه حكم التطهير.
على أن ثمرة هذا القياس ونتيجته أن الشعر إذا مات نجس، فلم يجز استعماله كالجلد واللحم، وهذا فاسد لأنه يوجب إذا قطع من الحي أن يكون كذلك، فينبغي أن يكون نجسا كالجلد، فلما جاز الانتفاع به إذا أخذ في الحياة - وهو مع هذا طاهر - سقط ما قلتموه، مع استواء حكمهما في الطهارتين.
على أن داخل العين لا مدخل له في الطهارتين، وهو يلحقه حكم النجاسة، فعلم أنه لا تعلق لأحدهما بالآخر، وكذلك ما ستره الشعر لا يلحقه حكم التطهير عندنا (١)، وهو ينجس بالموت، فلم يكن أحدهما علة في الآخر.
ثم لنا أن نعكس عليهم فنقول: لما كان الشعر يلحقه حكم الطهارتين وجب أن يتفق حكمه في انفصاله في الحياة والموت، دليله تساوي سائر الأجزاء في الحياة والموت.
فإن قيل: رأينا الجلد له حالتان: إحداهما يمكن الانتفاع به فيها، وهي