قالوا: وهذا يخص ظواهركم التي ذكرتموها، فتحمل ظواهركم على الكثير منه بهذه الدلالة.
قيل: عن هذا أجوبة:
أحدها: أننا نوافقكم على العفو عن قليل الدماء، ومنها دم الحيض على أظهر الروايتين عن مالك، فنقول بموجب هذا الخبر في الدم، وليس في هذا دليل على ما عدا الدم من سائر الأنجاس.
وجواب آخر: وهو أن الخبر حجة لنا على الرواية التي تحرم قليل دم الحيض وكثيره؛ لأنه قال لها:"اغسليه"، ولم يفرق لها بين قليله وكثيره، فأما إذا لم يخرج وبقي أثره فلا شيء عليها فيه؛ لأن سائر الأنجاس إذا غسلت وكان فيها ما يبقى أثره فلا ينقلع، وقد انقلعت عينه وريحه فقد مضى حكمه، ولو كان أثره بمنزلة عينه لم يأمرها بغسله؛ لأنه معفو - عندكم - عن عينه، كما هو معفو عن أثره، فلما أمرها بغسله ولم يفرق بين قليله وكثيره دل على ما قلناه، وليس في هذا ما يخص الظواهر التي ذكرناها بل هو يؤكدها.
وجواب آخر: وهو أنهم لا يخلُون معنا من أحد أمرين: إما أن يجعلوا هذا الخبر حجة علينا في سائر الدماء ويحملوه على العفو عن قليله فنوافقهم على إحدى الروايتين، أو يجعلوه حجة علينا في دم الحيض على الرواية الأخرى، فقد قلنا: إنه ﵇ قد أمرها بغسله أمرا ظاهره الوجوب، ولم يفرق لها بين قليله وكثيره، ولا يضر أن لا ينقلع أثره على ما بيناه، ولو كان يختلف لقال لها:"اغسليه إن كان كثيرا" حتى يعلم الفرق بين قليله وكثيره.
ثم لا ينفك من قدر القليل بدرهم بلخي ممن قدره بدرهم غير البلخي