للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال مالك: وهذا الحديث ليس بالمتواطأ عليه عندنا، يعني على العمل به.

وهذا على أصل أبي حنيفة لا يستقيم، ولا ينبغي أن يعمل عليه؛ لأنه مما يعم البلوى به، فكان سبيله أن ينقل نقلا مستفيضا منتشرا حتى يصير في معنى نقل الصلوات والزكوات، وغير ذلك مما تقع البلوى به عامة، ولعل عموم هذا في النساء أكثر منه في الرعاف والقيء في الصلاة، وقد قيل في الجميع الحديث، ولم ينتشر نقله ولا استفاض.

ولا يستقيم أيضا على أصول الشافعي؛ لأنه لا يعدل عن قياس الأصول بقضية في عين (١)، تحتمل وجوها من التأويل، وهذا الخبر يخرج حكم هذا


= فدعا بماء فنضحه ولم يغسله".
قال ابن حجر: "قوله "فنضحه"، ولمسلم من طريق الليث عن ابن شهاب: "فلم يزد على نضح بالماء"، وله من طريق ابن عيينة عن ابن شهاب: "فرشه"، زاد أبو عوانة في صحيحه: "عليه"، ولا تخالف بين الروايتين - أي بين نضح ورش - لأن المراد به أن الابتداء كان بالرش وهو تنقيط الماء، وانتهى إلى النضح وهو صب الماء، ويؤيده رواية مسلم في حديث عائشة من طريق جرير عن هشام: "فدعا بماء فصبه عليه"، ولأبي عوانة: "فصبه على البول يتبعه إياه". الفتح (١/ ٥٩٩ - ٦٠٠).
قلت: ذكر المصنف أن أم قيس هي المأمورة بذلك، والذي سقته في الحديث يدل على أن النبي هو الذي باشر النضح. والله أعلم.
(١) ورد الحديث من طريق أم محصن، ومن طريق علي بن أبي طالب، وأبي السمح، ولبابة بنت الحارث، وقد تقدم تخريج أحاديثهم (٣/ ١٧٩)، ومن حديث أم سلمة، وأنس بن مالك، وحسين بن علي عن امرأة من أهله، وزينب بنت جحش، وأم كرز الخزاعية. وقد ذكر ابن الملقن من أخرجها في كتابه البدر المنير (١/ ٥٣٠ - ٥٤٢).
فهذه تسع وقائع في التفريق بين بول الصبي وبول الصبية، فهل يقال فيها كلها وقائع أعيان كما قال المصنف في حديث أم محصن هنا، وأي وجه من وجوه من التأويل يمكن أن يحمل=

<<  <  ج: ص:  >  >>