للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه ظرف لهما، ولا يلزم على هذا المحدث بغير جنابة؛ لأنه غير ممنوع من القراءة فيه.

والمشرك - عندنا - بمنزلة الجنب والحائض لا يدخل المسجد؛ لأنه ممنوع من استدامة كونه فيه (١).

فإن استدلوا بقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ (٢)، وأن المراد منه مكان الصلاة؛ لأنه هو الذي يقرب لا نفس الصلاة، فتقديره: لا تقربوا مكان الصلاة جنبا إلا عابري سبيل، والعابر هو المجتاز.

قيل: إذا أمكن أن يحمل الظاهر على حقيقته لم يصرف إلى المجاز، والظاهر المذكور هو نفس الصلاة، فقوله تعالى ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ﴾ أي لا تصلوا، كما قال: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾ (٣) معناه: لا تزنوا، فتقدير الآية: لا تصلوا وأنتم على حال سكر حتى تعلموا ما تقولون في الصلاة، ولا جنبا إلا عابري سبيل، وهو إذا كنتم متيممين عند عدم الماء، أو تعذر استعماله في السفر.

وعلى هذا تأوله علي بن أبي طالب (٤)؛ لأن عابر سبيل هو الغريب المسافر، كما قيل فيه: ابن سبيل، فقد حملنا الظاهر على حقيقته في الصلاة، ولم نحمله على المكان الذي لم يجر له ذكر، وإنما يدعون أنه مضمر، فإذا


(١) وجوزه الشافعي في غير المسجد الحرام، وأبو حنيفة في كل مسجد. انظر الإشراف (١/ ٣٤٨ - ٣٤٩) مجموع الفتاوى (٢/ ٣٤٥).
(٢) سورة النساء، الآية (٤٣).
(٣) سورة الإسراء، الآية (٣٢).
(٤) أخرجه القاضي إسماعيل في أحكام القرآن ص (١٢٨) وابن المنذر (٢/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>