للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد فقال: "وجهوا هذه البيوت عن المسجد"، ثم دخل النبي ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن تنزل فيهم رخصة، فخرج إليهم بعد فقال: "وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب" (١).

فهذا يقتضي أن لا يحله على كل وجه إلا أن يقوم دليل.

وأيضا فلو جاز دخوله المسجد لجاز له أن يستديم الجلوس فيه، كالمتوضئ والمحدث بغير الجنابة والحيض، فلما لم يجز للجنب ذلك صار كالحائض التي لما لم يجز لها استدامة الكون فيه لم يجز لها دخوله (٢).

ونحرر من هذا قياسنا على الحائض فنقول: كل من منع من الاستدامة في المسجد منع من دخوله، أصله الحائض، وكذلك الجنب لما منع من استدامة كونه فيه منع من دخوله.

وأيضا فإن للمسجد حرمتين: إحداهما للصلاة فيه، والأخرى: تلاوة القرآن فيه، فلما منع الجنب من الصلاة وقراءة القرآن فيه منع من دخوله؛


(١) أخرجه أبو داود (٢٣٢) والقاضي إسماعيل في أحكام القرآن (١٢٥ - ١٢٦) والبيهقي (٢/ ٦٢٠) وضعفه ابن المنذر وابن رشد وقال ابن حجر: وضعف بعضهم هذا الحديث بأن راويه أفلت بن خليفة مجهول الحال". التلخيص (١/ ١٤٠).
قلت: وجسرة عندها عجائب كما قاله البخاري فيما نقله عنه البيهقي (٢/ ٦٢٠) وأخرجه ابن ماجه (٦٤٥) من حديث أبي الخطاب الهجري عن محدوج الذهلي عن جسرة، وإسناده ضعيف كما قال البوصيري في الزوائد (١/ ٢٣٠) لأن محدوجا لم يوثق، وأبو الخطاب مجهول.
قلت: ومع هذا فقد صححه ابن خزيمة (١٣٢٧) وحسن إسناده ابن القطان كما نقله الحافظ في التلخيص (١/ ١٤٠) ووافقه الشوكاني في النيل (١/ ٢٩٠).
(٢) انظر الإشراف (١/ ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>