للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: فقد أقر على بعض الصلاة، ولم يخبره بذلك حتى مضى بعضها وبنى عليه، فيجوز أن يقر عليه ليعلم أن إزالة الأنجاس ليست بفرض.

ولنا أيضا ما روي عن عمر أنه كان في سفر فأجنب، وحضرت صلاة الصبح، ومعه جماعة من الصحابة، فانتظر غسل ثوبه حتى كادت الشمس تطلع، فقال له عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين! قد أصبحنا ومعنا ثياب، فلو لبست منها وصليت إلى أن يغسل ثوبك. فقال: لو فعلت ذلك لكانت سنة" (١).

فلو كان المني طاهرا لصلى فيه، ولكان من معه من الصحابة يقولون له: إنه طاهر، والتغليس بصلاة الصبح سنة (٢) مجتمع عليها من فعل النبي ، وفعل أصحابه، فلم يتركها حتى تكاد الشمس تطلع من أجل غسل شيء طاهر، وإن كان غسله مستحبا فليس ينبغي أن يترك التغليس المسنون بالصبح من أجل غسل مستحب، فلما لم يجر في هذا مخالفة ولا نكير دل على أن المني نجس؛ لأنهم سوغوا لعمر تأخير الصلاة لغسل المني، وهذا يجري مجرى الإجماع الذي هو أولى من خبر الواحد.

وإن ثبت أن التغليس بالصبح مستحب، وغسل المني مستحب فلا ينبغي أن يترك المستحب في الأصل للمستحب في الفرع؛ لأن إزالة المني بالغسل لأجل الصلاة.


(١) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الطهارة، باب إعادة الجنب الصلاة (٨٣) وفيه انقطاع، يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب لم يدرك عمر، لكن أخرجه عبد الرزاق (١/ ٣٧٠ - ٣٧١) موصولا عن يحيى عن أبيه عن عمر.
(٢) كما سيأتي بيانه في كتاب الصلاة (٤/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>