وأما القياس فقد اتفقنا على نجاسة المذي، وكذلك المني؛ بعلة أنه مائع خارج من مجرى الحدث يتولد عن الشهوة.
وأيضا فإن دم الحيض نجس، العلة فيه أنه مائع يخرج من السبيل يوجب انقطاعه الغسل على وجه مخصوص.
ولنا أن نقيسه على البول بعلة أنه مائع ينقض الطهر ويوجبه.
فإن قيل: إننا نعارض قياسكم بقياس آخر فنقول: اتفقنا على مجة البيضة أنها طاهرة، فكذلك المني بعلة أنه مائع يخلق منه حيوان طاهر.
قيل: لا يخلو أن تريدوا المني الذي يخلق منه الولد فذلك لا يحكم له بتطهير ولا بنجس، وإنما يحكم لما يسقط على ثوب أو بدن أو بقعة بطاهر أو نجس، وهو المني الذي نتنازعه إذا انفصل وسقط على شيء لا يجيء منه الولد (١).
وإن أردتم (١٨٧) أنه مائع يخلق من جنسه حيوان طاهر فإن نازعناكم أن هذا ليس من جنس ذلك لم يبق معكم شيء لأن ذلك المني الذي لم ينفصل لا يحكم له بتطهير ولا تجنيس، وقد يخلق منه الولد وقد لا يخلق منه شيء أصلا، وليس كذلك هذا المني المنفصل، فلا نقول: إنه من جنسه.
ثم لو قلنا: إنه من جنسه فقد يكون الشيء في نفسه طاهرا، ويكون متولدا عن نجس، كاللبن فإنه متولد عن الدم، وقد قيل فيه: إنه دم، فما دام الولد في الرحم يتغذى به على ما هو عليه، وهو دم الحيض الذي ينحبس
(١) وعليه فما حكم المني فيما يسمى بأطفال الأنابيب، ظاهر كلام المصنف أنه نجس لأنه منفصل.