الختانان وجب الغسل" (١)؛ لأن الحجة كانت عليهم أقوى إذا قالوا لهم: الماء من الماء، سواء فارق موضعه أو خرج من مخرجه.
وتأولنا نحن قولهم: "الماء من الماء" إذا خرج مقارنا للذة.
فإن قيل: فإنه إذا ظهر الماء بعد تقدم الفترة قلنا: إنه كان جنبا، فانكشف لنا ذلك عند ظهور المني.
قيل: هذا يلزم في سائر الأحداث إذا ظهر الحدث بخروجه علمنا أنه كان محدثا لمفارقة الحدث موضعه؛ لأن الإنسان قد يعلم ضرورة إذا لحقه الحقن الشديد، ودافع الأخبثين أن الحدث قد فارق موضعه، ولا يكاد يعلم بوجود الفترة والإكسال أن المني قد فارق موضعه، فإذا لم يحكم للمحتقن بحكم الحدث حتى يظهر كان فيما يشك فيه أولى أن لا يحكم له بحكمه حتى يظهر.
على أننا قد بينا أن الحكم يتعلق بوجود الشرطين معا في حالة واحدة، وهو خروج المني مقارنا للذة، ولا يجب بوجود أحدهما منفردا عن الآخر.
ومن جعل من أصحابنا في وجود هذا المني الغسل ولا تعاد الصلاة، وفرق بينه وبين ما يظهر - إذا لم تتقدمه لذة أو فترة - بأن هذا قد تقدمته فترة وإكسال لم ينفك من رواية ابن وهب؛ لأنه قد جعل الفترة المتقدمة شرطا، كما أن ظهوره شرط، وإن افترقا فلابد أن يكون للفترة المتقدمة قسط في إسقاط حكم الصلاة التي صلاها، فتجب إعادتها، والله أعلم.