للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي قارنتها اللذة، فإذا توضأ فليس بجنب، وقد جاز له فعل جميع ما ذكرناه وصلى، وله أن يصلي وإن لم يغتسل قبل ظهور هذا المني، فليس يتناوله اسم جنب بحق الإطلاق.

وأيضا فقد دللنا على أن وجود المني إذا عري عن اللذة لا يوجب الغسل، ولا يكون به [جنبا] (١)، فكذلك إذا عريت اللذة عن ظهور المني لم يكن لها حكم، وصار الحكم واجبا بوجودهما جميعا مقترنين في حالة واحدة.

وكذلك حكم سائر الأحداث لا تعتبر فيه مفارقة الحدث موضعه، وإنما يعتبر خروجه، ألا أن ترى الطعام ينهضم بعد استحالته فينحدر إلى المعي السفلي، وكذلك يستحيل الماء ثم ينحدر إلى المثانة، ولم تعتبر فيه مفارقة مستقره، بل اعتبر فيه خروجه على وجه الصحة والعادة، ولم يحكموا له بحكم النجاسة إلا بعد ظهوره.

وأيضا فإن الصحابة اختلفت على وجهين، فقالت الأنصار: "الماء من الماء" (٢)، فحكموا بالغسل عند خروجه، ولم يحك عن أحد أنه رد عليهم ذلك، ولا قالوا ولا قيل لهم: إن الغسل يجب بمفارقة الماء موضعه، وخالفهم الباقون في الوجه الآخر وهو التقاء الختانين (٣)، كما قالوا بالغسل من الماء، ولم يقولوا ولا واحد منهم: إن اللذة قد تقدمت، وفارق الماء موضعه، وقد كان هذا أولى من أن يستريحوا إلى الخبر، ويقولوا قال النبي : "إذا التقى


(١) في الأصل: طاهرا، وهو خطأ لا يتناسب مع السياق.
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٤٧٨).
(٣) وقد فصل المصنف الكلام فيها فيما تقدم أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>