للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه، وهذا الماء في الظاهر طاهر لا بيقين لجواز أن يكون قد حلت فيه نجاسة من ولوغ كلب قد أكل نجاسة هي على فمه، أو غير ذلك من بول خنزير، أو ترشيش فيه من بول آدمي، فيجوز التحري في الإناءين، كالقبلة يصلي إلى جهة تغلب على ظنه، وليس عليه أن يصلي إلى الجهات كلها.

قيل: الفرق بينهما هو أن القبلة قد جوز تركها والصلاة إليها مع القدرة في صلاة التطوع في السفر، وللمسايف في وجه العدو وغير ذلك، وأما الماء النجس فلا يجوز الوضوء به على وجه (١)، فلهذا طلب اليقين فيه، كما قلنا فيمن نسي صلاة من خمس صلوات أنه يصلي الصلوات كلها حتى يأتي على اليقين؛ لأن الصلاة لا يجوز تركها مع القدرة، ولا مع العذر (٢).

والدليل على أبي حنيفة: هو أن هذا الإنسان معه ماء طاهر بيقين، يمكنه الوصول إليه، وأداء الصلاة به من الماء النجس فوجب أن يجوز له التحري فيه، أصله الثلاث الأواني.

[وأيضا فإن كل عدد يجوز التحري فيه إذا كان في ثوب فإنه يجوز فيه إذا كان في الإناء، أصله الثلاث الأواني.] (٣)

وأيضا فإن التحري في الإناءين أمكن منه في الثلاث لوجهين:

أحدهما أنه بالتحري يطلب الطاهر، ولا يتوصل إلى معرفة الطاهر إلا


(١) انظر التجريد (١/ ٣٠٦).
(٢) ولأن الثياب وجهات القبلة والأحكام لو أسقطنا التحري لسقط الفرض، ولم يقم غيره مقامه، ومتى أسقطنا التحري في مسألتنا قام مقام الماء التيمم، فلذلك وجب هناك بكل حال، وافترقت أحواله في مسألتنا التجريد (١/ ٣٠٨).
(٣) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>