للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمعرفة النجس؛ لأنه يطلب العلامة، والأثر، والعلامة والأثر قد يكون على الماء النجس من أثر الرجل (١)، أو قلة الماء وكثرته، وما يشبه ذلك، فصار كأنه لا يطلب إلا النجس، فإذا كان كذلك فتمييز الشيء بين شيئين أمكن وأقرب منه من الثلاث وأكثر (٢)، كما أن تمييز عبد أشكل أمره من بين عبدين أمكن منه وأسهل من بين مائة عبد.

والوجه الثاني: هو أن التحري أن ينظر في كل إناء على الانفراد، ويضبط صفاته ويحفظها، حتى إذا وجد اختلاف الصفة حكم حينئذ إما بنجاسة أو طهارة، فإذا ضبط صفة الإناء ثم نظر في الآخر كان أقرب عهدا بالأول منه أن ينظر في ثالث.

فإن قيل: فأنتم لا تتحرّون، بل تأمرون باستعمال الجميع.

قيل: نحن نقول: يتحرى أولا (٣)، فيتوضأ بما يغلب على ظنه أنه طاهر ويصلي، ثم يتوضأ بالآخر ويصلي احتياطا؛ لأنه قد يجوز أن يخطئ اجتهاده في الأول، فإذا احتاط بالثاني أصاب لا محالة.


(١) هكذا بالأصل.
(٢) قلنا: هذا غلط لأن عدد الطاهر متى زاد فإصابة الطاهر عند الاشتباه أجران، ألا ترى أن له جهتين، والنجس جهة، وإصابة الأكثر أقرب إلى إصابة الأقل، فلم يصح ما قالوه التجريد (١/ ٣٠٩).
(٣) تنبيه قال المحقق هاهنا (١٠٥٢): "تقدم أن ابن الماجشون وعبد الملك بن مسلمة يقولان باستعمال الإناءين، ولم يذكر عنهما أنهما قالا بالتحري أولا".
قلت: ما يدافع عنه المصنف هنا هو اختياره، لا اختيار عبد الملك ومحمد، وقد عزا الباجي في المنتقى (١/ ٣٢٠) إلى ابن القصار قوله بالتحري إن كان عدد المياه كثيرا يشق عليه أن يتوضأ من كل منها. وسيظهر مذهب المصنف جليا فيما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>