فإن قيل: يلزمكم هذا في أكثر من إناءين، حتى لو كانت أواني كثيرة وجب أن يستعملها كلها، وهذا يشق.
قيل: إذا خرج إلى المشقة تركنا ذلك وتحرى الواحد، ألا ترى أنه لو اختلط على إنسان أو أشكل أمر امرأتين وثلاث في أن إحداهن أخته من الرضاعة منعناه أن يتزوج إحداهن وقلنا له احتط واترك الجميع، ولو اختلطت عليه بأهل بلد جاز أن يتزوج إحداهن؛ لأن منعه من ذلك يشق، وكذلك لو اختلطت عليه شاة ميتة باثنين أو ثلاث من المذكاة وجب أن يمتنع من الجميع، ولو اختلطت بشيء كثير جاز له أن يأكل.
فإن قال عراقي: إن هذا يشهد لنا؛ لأننا لا نتحرى في إناءين ونتحرى في أكثر، كما قلتم في المرأتين إحداهما أخته من الرضاعة، وشاتين إحداهما ميتة.
قيل: قد فرقتم أنتم بين الموضعين؛ لأنكم لا تجيزون له أن يتزوج إحدى عشرة فيهن أخته من الرضاعة، كما لا يتزوج واحدة من اثنين، ولا تعملون في الأواني كذلك؛ لأنكم لا تجيزون التحري في إناءين، وتجيزونه في ثلاث.
فإن قال شافعي: فقولنا أولى؛ لأنه يستمر في إناءين وثوبين، وفي اجتهاد الحاكم والقبلة في أنه ليس عليه أن يحكم بالاجتهادين، ولا الصلاة إلى جهات القبلة كلها.
قيل: أما الحاكم فإنه ينظر لقطع الخصومات، فإذا غلب على ظنه الحكم لأحدهما حكم، فلو قلنا له: احكم للآخر أدى ذلك إلى إحكام الخصومة