للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأراد بقوله: ﴿طَيِّبًا﴾ أي طاهرا.

وقد قيل: إن الصعيد اسم لما تصاعد من الأرض، فليس يختص بموضع منها دون موضع، والصخر متصاعد من الأرض، وكذلك الرمل وغيره، فهو عموم في كل ما تصاعد منها إلا أن يقوم دليل.

وقد ذكر ابن الأعرابي أن الصعيد اسم للأرض، واسم للتراب، واسم للطريق، واسم للقبر (١)، فإذا كان يتناول كل واحد من هذه حقيقة فإما أن نجعله للعموم فيتناول جميعها، أو يكون من الأسماء المشتركة، كقولهم: عين، ولسان، ولون، فقوله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ اسم نكرة في إثبات لا يكون عموما، بل يكون شائعا في الجنس، لا يتناول صعيدا بعينه، بل يتناول كل ما يقع عليه اسم صعيد على طريق البدل، والأرض والتراب والطريق والقبر من جنس واحد، فأي صعيد قصد جاز التيمم عليه إلا أن يقوم دليل، بمنزلة قولك: اضرب رجلا، فإنه لا يختص برجل دون رجل، فأي رجل ضربه فقد امتثل المأمور به وإن كان الجنس مختلفا فالاسم مشترك، لا يمكن ادعاء العموم فيه، ولا صرفه إلى وجه دون وجه إلا بدليل يدل على أنها من المراد، وأن المراد جميعها.

وقد قام الدليل على أن الأرض مقصودة، وما تصاعد منها مقصود، وذلك أن النبي قال: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأينما أدركتني الصلاة تيممت وصليت" (٢)، فذكر الأرض، ولم يخص موضعا منها، وجمع


(١) الذي نقله عنه في اللسان (٣/ ٣١٣) أنه يقول: الصعيد الأرض بعينها.
(٢) أخرجه بهذا اللفظ أحمد (٢/ ٢٢٢) وقال ابن كثير في تفسيره (٣/ ٢٣٥ - ٢٣٦): إسناده قوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>