للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضا فإن قوله ﴿مِنْهُ﴾ يدل على التبعيض؛ لأن "من" للتبعيض (١)، والهاء في "منه" كناية عن مذكر، فهي ضمير التراب؛ لأنه يذكر.

قيل: عن هذا أجوبة:

أحدها: أنه يجوز أن يكون "منه" صلة في الكلام كقوله: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (٢).

والقرآن كله شفاء (٣).

وجوا آخر وهو أننا لو سلمنا أنه أراد غير الصلة فإنما أراد بـ "منه" الموضع الطاهر من الصعيد، والهاء كناية عن الصعيد، وهو مذكر، فتقديره: من بعض الصعيد، وهو المكان الطاهر الذي يجوز السجود عليه، وقد يذكر بعض أسماء المواضع ويؤنث، مثل: بدر، وحنين، وواسط، ودابق، وهذه مواضع من الأرض.

وأيضا فإن كل ما ليس له فرج فإنه يجوز أن يذكر ويؤنث، فيقال: أطفئ نارك، وأطفئت نارك، وهدم دارك، وقد قال تعالى: ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ (٤)، ﴿وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ (٥).


(١) انظر ما تقدم (٢/ ٨٢) (٢/ ٨٣) (٢/ ٢).
(٢) الإسراء الآية (٨٢).
(٣) ويكون أيضا لابتداء الغاية كقولنا: بعت من هاهنا إلى هاهنا وابتداء الفعل في التيمم هو المسح من الحجر. انظر أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٤٨٩).
(٤) سورة هود، الآية (٦٧).
(٥) سورة هود، الآية (٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>