فإلى أن يبلغ المرفق ويديرها على باطن ذراعه لا يبقى منه شيء أيضا.
وإذا كان هذا هكذا جاز في الجزء الأول ما يجوز في الأخير، أو لا يجوز في الجزء الأخير إلا ما يجوز في الجزء الأول، فلما لم توجبوا وجود التراب في الجزء الأخير وجب أن يكون الأول مثله.
هذا مع قوله تعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ (١)، فعم الوجه واليدين في المسح منه، ولم يقل ببعض وجوهكم وبعض أيديكم.
ومعنى آخر: وهو أن التيمم أخف أمرا من التطهر بالماء؛ لأن الماء يرفع الحدث، والتيمم لا يرفعه، ألا تري أن غسل غسل جميع البدن في الجنابة يجب بالماء، ثم مع التيمم يسقط جميع حكم البدن إلا في الوجه واليدين، فإذا سقط ذلك في باقي البدن -وهو الممسوح والممسوح به- جاز أن يثبت المسح في الوجه واليدين، ويسقط الممسوح به وهو التراب.
ويجوز إذا كنا مسؤولين أن نبني المسألة على جواز ضربة واحدة في التيمم للوجه واليدين.
فإن سلموا ذلك صحت المسألة؛ لأن كل عاقل يعلم أن الضربة الواحدة إذا مسح بها الوجه خلت اليدان من التراب، ومع هذا فيجوز أن يمسح بهما الذراعين، فلو كان التراب شرطا في كل جزء منه لما جاز ذلك.
وإن لم يجوزوا ذلك ولا سلموه لنا نقل الكلام إليه.
والدليل عليه قوله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ