للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به، فأما مع كونه في الأرض فالمقصد الأرض لا هو.

وعلى أن الذهب والفضة كالمودعين في الأرض، فليسا من جنسها.

وأما المائعات غير الماء فلا مدخل لها في شيء من الطهارات (١)، ألا ترى أن الاستنجاء بها لا يجوز، ويجوز بما هو من جنس الأرض.

وأما قولكم: "إن الطهارة هو لما تعلقت بالمائعات تعلقت بأعمها وجودا وهو الماء" فإننا نقول: إن الأرض في التيمم أعم وجودا، فهي في أن أحدا لا ينفك منها كانت أعم وجودا من الماء، كما أنها عامة في الصلاة عليها، وشرط التيمم عندنا أن يكون على الأرض دون ما ينفصل منها، إلا في موضع ضرورة، مثل: أن يكون في مركب لا يقدر على الماء ولا على الأرض، ومعه تراب، فإنه يتيمم به لأجل كون التراب مختصا من بين سائر ما ينفصل من الأرض، فجوزناه للضرورة.

وعلى أننا إذا سبرنا (٢) قول المخالف في كون التراب شرطا كالماء وجدناه فاسدا؛ لأن المأخوذ علينا في الطهارة بالماء أن يلاقي كل جزء من الأعضاء جزءا من الماء، وهذا غير مأخوذ علينا في التيمم؛ لأن المتيمم إذا ضرب بيده على التراب ثم أمرها على وجهه فهو إلى أن يبلغ حد الذقن لا يبقى في يده من التراب شيء (٣)، وكذلك إذا مسح يده اليمنى بيده اليسرى،


(١) لا طهارة الحدث ولا طهارة الخبث، وقد تقدم أن الحنفية يجيزون بها طهارة الخبث.
(٢) أي تأملناه وتتبعناه.
(٣) ولو كان المقصد أن يحصل في يده منه شيء لأمر بحمل التراب على يده، ومسح الوجه به كما أمر بأخذ الماء للغسل، أو للمسح حتى يحصل في وجهه. أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>